المنهج المعروف عنه ، وضرب له الأمثلة بما حدث فى كثير من الأمم قبل الإسلام وبعده ، وبين أن الظلم قد ثلّ عروشها ، وأذل أهلها ، وجعلها طعمة للآكلين ، ومثلا للآخرين.
وفى حال الأمم الإسلامية اليوم وقد اجتثت من أطرافها وتحكم فيها أهل الغرب وأذلوها بعد أن استعمروها ، عبرة لمن تدبر وألقى السمع وهو شهيد ، والقرآن شاهد على صدق هذه النظرية ، كما قال : «إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ» وقوله «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ» أي الصالحون لاستعمارها والانتفاع بخيراتها ، ما ظهر منها وما بطن.
(وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) أي وإذا أراد الله بقوم سوءا من مرض وفقر ونحوهما من أنواع البلاء بما كسبت أيديهم حين أخذوا فى الأسباب التي تصل بهم إلى هذه الغاية ، فلا يستطيع أحد أن يدفع ذلك عنهم ولا يردّ ما قدّره لهم.
وفى هذا إيماء إلى أنه لا ينبغى الاستعجال بطلب السيئة قبل الحسنة ، وطلب العقاب قبل الثواب ، فإنه متى أراد الله ذلك وأوقعه بهم فلا دافع له.
والخلاصة ـ إنه ليس من الحكمة فى شىء أن يستعجلوا ذلك.
(وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) أي ومالهم من دون الله سبحانه من يلى أمورهم ، فيجلب لهم النفع ويدفع عنهم الضر ، فالآلهة التي اتخذوها لا تستطيع أن تفعل شيئا من ذلك ، ولا تقدر على دفع الأذى عن نفسها فضلا عن دفعه عن غيرها.
والله در الأعرابى الذي رأى صنما يبول عليه الثعلب فثارت به حميّته فأمسكه وكسره إربا إربا وقال :
أربّ يبول الثّعلبان برأسه |
|
لقد ذلّ من بالت عليه الثعالب |
وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ».