الإيضاح
(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) أي الذين يوفون بما عقدوه على أنفسهم فيما بينهم وبين ربهم وفيما بينهم وبين العباد ، وشهدت فطرهم فى هذه الحياة بصحته ، وأنزل عليهم فى الكتاب إيجابه.
قال قتادة : إن الله ذكر الوفاء بالعهد والميثاق فى بضع وعشرين موضعا من القرآن عناية بأمره واهتماما بشأنه.
(وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) أي الميثاق الذي وثقوه بينهم وبين ربهم من الإيمان به ، وبينهم وبين الناس من العقود كالبيع والشراء وسائر المعاملات والعهود التي تعاهدوا على الوفاء بها إلى أجل ، وفى الحديث : «آية المنافق ثلاث : إذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر ، وإذا حدّث كذب».
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) أي والذين يصلون الرحم التي أمرهم الله بوصلها ، فيعاملون الأقارب بالمودة والحسنى ، ويحسنون إلى المحاويج وذوى الخلة منهم بإيصال الخير إليهم ودفع الأذى عنهم بقدر الاستطاعة ، وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : «من سره أن يبسط له فى رزقه ، وأن ينسأ له فى أجله فليصل رحمه» وإنساء الأجل : تأخيره ، وذلك بالبركة له فيه فكأنه قد زاد.
ويدخل فى ذلك جميع حقوق الله وحقوق عباده ؛ كالإيمان بالكتب والرسل ، ووصل قرابة المؤمنين بسبب الإيمان ؛ كالإحسان إليهم ، ونصرتهم ، والشفقة عليهم ، وإفشاء السلام ، وعيادة المرضى ، ومراعاة حق الأصحاب والخدم والجيران والرفقة فى السفر إلى غير ذلك.
أخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «إن البر والصلة ليخفّفان سوء الحساب يوم القيامة ثم تلا : «وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ».