(وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) الخشية : خوف مقرون بالتعظيم والعلم بمن تخشاه ، ومن ثم خص الله بها العلماء بدينه وشرائعه والعالمين بجلاله وجبروته فى قوله : «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» والمراد أنهم يخشون ربهم ويخافونه خوف مهابة وإجلال.
(وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) أي ويحذرون مناقشته إياهم الحساب ، وعدم الصفح لهم عن ذنوبهم ، فهم لرهبتهم جادون فى طاعته ، محافظون على اتباع أوامره وترك نواهيه.
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) الصبر : حبس النفس عن نيل ما تحب ، أي والذين صبروا على ما تكرهه النفس ويثقل عليها من فعل الطاعات وترك الشهوات ، طلبا لرضا ربهم من غير أن ينظروا إلى جانب الخلق رياء وسمعة ، ولا إلى جانب أنفسهم زينة وعجبا.
(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أي أدّوها على ما رسمه الدين من خشوع القلب واجتناب الرياء والخشية لله ، مع تمام أركانها وهيئآتها احتسابا لوجهه.
(وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) أي وأنفقوا بعض ما رزقناهم سرا فيما بينهم وبين ربهم ، وعلانية بحيث يراهم الناس ، سواء كان الإنفاق واجبا كالإنفاق على الزوجة والولد والأقارب الفقراء ، أم مندوبا كالإنفاق على الفقراء والمحاويج من الأجانب.
(وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي ويدفعون الشر بالخير ويجازون الإساءة بالإحسان فهو كقوله : «وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً» ومن ثم قال ابن عباس : أي يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سوء غيرهم.
(أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) أي أولئك الذين وصفناهم بتلك المحاسن والكمالات التي بلغت الغاية فى الشرف والكمال ـ هم الذين لهم العقبى الحسنة فى الدار الآخرة.
ثم بين هذه العقبى فقال :