الإيضاح
(وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ؟) أي وقال المشركون بالله المكذبون بالبعث : أئذا صارت لحومنا وعظامنا ترابا فى الأرض؟ أنبعث خلقا جديدا؟.
وخلاصة مقالهم : عظيم الاستبعاد للإعادة ، بأنها كيف تعقل وقد تمزقت الجسوم ، وتفرقت فى أجزاء الأرض؟.
وهم قد قاسوا قدرة الخالق الذي بدأهم أول مرة ، وأنشأهم من العدم بقدرة المخلوق العاجز ـ شتان بينهما ـ إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
ثم زاد فى النعي عليهم ، والإنكار لآرائهم بقوله :
(بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) أي ما بهؤلاء المشركين جحود قدرة الله على ما يشاء فحسب ، بل هم تعدّوا ذلك إلى الجحود بلقاء ربهم حذر عقابه ، وخوف مجازاته إياهم على معاصيهم.
ثم رد عليهم مقالتهم ، وشديد استنكارهم بقوله (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) أصل التوفى أخذ الشيء وافيا كاملا ، أي قل لهؤلاء المشركين : إن ملك الموت الذي وكّل بقبض أرواحكم يستوفى العدد الذي كتب عليه الموت منكم حين انتهاء أجله ، ثم تردون إلى ربكم يوم القيامة أحياء كهيئتكم قبل وفاتكم ، فيجازى المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، وفى هذا إثبات للبعث مع تهديدهم وتخويفهم ، وإشارة إلى أن القادر على الإماتة قادر على الإحياء.
(وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ