فلا يؤخّرنكم عن الهجرة وجهاد عدوكم خوف العيلة والفقر ، فمن بيده تكوين الكائنات لا يعجز عن أرزاقها.
ونحو الآية قوله : «إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ».
ثم علل التفاوت فى الرزق بين عباده بعلمه بالمصلحة فى ذلك فقال :
(إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي إنه هو العليم بمصالحكم ، فيعلم من يصلحهم البسط ومن يفسدهم ، ويعطيهم بحسب ذلك إن شاء.
ثم ذكر اعترافهم بهذا بقوله :
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ) أي ولئن سألتهم من ينزل من السحاب ماء فيحيى به الأرض القفر فتصير خضراء تهتز بعد أن لم تكن كذلك ـ لم يجدوا إلا سبيلا واحدة ، هى الاعتراف الذي لا محيص عنه بأنه الله ، فهو الموجد لسائر المخلوقات ، ومن عجب أنهم بعد ذلك يشركون به بعض مخلوقاته التي لا تقدر على شىء من ذلك.
ولما أثبت أنه الخالق بدءا وإعادة ـ نبّه إلى عظمة صفاته التي يلزم من إثباتها صدق رسوله صلى الله عليه وسلم فقال :
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) أي قل متعجبا من حالهم : الحمد لله على إظهار الحجة ، واعترافهم بأن النعم كلها منه تعالى ، ولكن أكثر المشركين لا يعقلون ما لهم فيه من النفع فى دينهم وما فيه الضر لهم ، فهم لجهلهم يحسبون أنهم لعبادتهم الآلهة دون الله ينالون بها الزلفى والقرب عنده.
والخلاصة ـ إن أقوالهم تخالف أفعالهم ، فهم يقرون بوحدانية الله وعظيم قدرته وجلاله ، ثم هم يعبدون معه سواه مما هم معترفون بأنه خلقه.
(وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٦٤) فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ