(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) أي إن فيما سلف من خلقكم من تراب ، وخلق أزواجكم من أنفسكم ، وإبقاء المودة والرحمة ـ لعبرة لمن تأمل فى تضاعيف تلك الأفعال المبنية على الحكم والمصالح ، فهى لم تخلق عبثا ، بل خلقت لأغراض شتى ، تحتاج إلى الفكر حتى يصل إلى معرفتها ذوو الذّكن والعقل الراجح.
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر دلائل وجوده بما ذكره فى خلق الإنسان ـ أعقبه بذكر الدلائل فى الأكوان المشاهدة ، والعوالم المختلفة ، وفى اختلاف ألوان البشر ولغاتهم التي لا حصر لها ، مع كونهم من أب واحد وأصل واحد ، وفيما يشاهد من سباتهم العميق ليلا ، وحركتهم السريعة نهارا ، فى السعى على الأرزاق ، والجدّ والكد فيها.
الإيضاح
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ومن دلائل وجوده وآيات قدرته :
خلقه السموات المزدانة بالكواكب ، والنجوم الثوابت والسيارة المرتفعة السموك الواسعة الأرجاء ، وخلق الأرض ذات الجبال والوديان ، والبحار والقفار ، والحيوان والأشجار.
(وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) أي واختلاف لغاتكم اختلافا لا حدّ له ، فمن عربية إلى فرنسية ، إلى إنجليزية ، إلى هندية ، إلى صينية ، إلى نحو ذلك مما لا يعلم حصره إلا خالق اللغات ، واختلاف أنواعكم وأشكالكم اختلافا به أمكن التمييز بين الأشخاص فى الأصوات والألوان ، وهذا مما لا غنى عنه فى منازع الحياة ومختلف