وكذا المسكين الذي لا مال له إذا وقع فى ورطة الحاجة ، فيجب على من عنده مقدرة دفع حاجته ، وسدّ عوزه.
ومثله المسافر البعيد عن ماله ، الذي لا يستطيع إحضار شىء منه لانقطاع السبل به فيجب مساعدته بما يدفع خصاصته ، حتى يصل إلى مأمنه ، وسرعة طرق المواصلات الآن تدفع هذه الضرورة.
(ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي ذلك الإعطاء لمن تقدم ذكرهم ، من فعل الخير الذي يتقبّله الله ، ويرضى عن فاعليه ، ويعطيهم جزيل الثواب ، وأولئك قد ربحوا فى صفقتهم ، فأعطوا ما يفنى ، وحصلوا على ما يبقى ، من النعيم المقيم ، والخير العميم.
وإنما كان هذا العمل خيرا ، لما فيه من تكافل الأسرة الخاصة ، وتعاونها فى السراء والضراء ، وتعاون الأسرة العامة ، وهى الأمة الإسلامية جمعاء ، كما جاء فى الحديث : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا».
ولا يخفى ما لذلك من أثر فى تولد المحبة والمودة ، وفى التكاتف لدفع عوادى الأيام ، ومحن الزمان.
(وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) أي ومن أهدى هدية يريد أن تردّ بأكثر منها ، فلا ثواب له عند الله ، وقد حرم الله ذلك على رسوله صلى الله عليه وسلم على الخصوص ، كما قال تعالى : «وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ» أي ولا تعط العطاء تريد أكثر منه.
روى عن ابن عباس أنه قال : الربا ربوان : ربا لا يصح وهو ربا البيع ، وربا لا بأس به ، وهو هدية الرجل يريد فضلها وإضعافها ، ثم تلا هذه الآية.
وقال عكرمة : الربا ربوان : ربا حلال ، وربا حرام ؛ فأما الربا الحلال : فهو الذي يهدى ، يلتمس ما هو أفضل منه ؛ وعن الضحاك فى هذه الآية : هو الربا الحلال