ثم بين العلة فى أنه يلقى الجزاء الأوفى فقال :
(وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) أي إن المصير إلى الله لا إلى غيره ، فلا يكوننّ لأحد إذ ذاك أمر ولا نهى ، ولا عقاب ولا ثواب ، فيجازى المتوكل عليه أحسن الجزاء ، ويعاقب المسيء أنكل العذاب.
ثم سلى رسوله على ما يلقاه من أذى المشركين وعنادهم فقال :
(وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ) أي لا تحزن على كفرهم بالله وبما جئت به ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ، فإن قدر الله نافذ فيهم.
ثم بين لرسوله أنه لا يهملهم على أعمالهم بل هو مجازيهم عليها فقال :
(إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أي إن مصيرهم يوم القيامة إلينا فنخبرهم بما عملوا فى الدنيا من خبيث الأعمال حتى لا يكون هناك سبيل إلى الإنكار ثم نجازيهم على ذلك أشد الجزاء.
ثم بين أنه عادل فى الجزاء لسعة علمه وعظيم إحاطته بكل شىء فقال :
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي إنه تعالى يجازيهم بكل ما عملوا ، إذ لا تخفى عليه خافية.
ثم بين أن ما يمتعون به فى الدنيا عرض قليل وظل زائل لا ينبغى لعاقل أن يقيم له وزنا بجانب العذاب الدائم فقال :
(نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) أي نمهلهم فى الدنيا زمنا قليلا يتمتعون فيه بزخارفها ثم نلجئهم على كره منهم إلى عذاب شاقّ على نفوسهم.
ونحو الآية قوله : «قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ».