لا يخلو الشيء الموصى به من ثلاثة أحوال : إما أن يبقى على ملك الميت أو ينتقل إلى الورثة ، أو ينتقل الى الموصى له ، ولا يجوز أن يبقى على ملكه ، لأنه قد مات ، والميت لا يملك ، ولا يكون ملكا للورثة ، لقوله جل سبحانه (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) فجعل لهم الميراث بعد الوصية ، فلم يبق الا أن يكون ملكا للموصى له بالموت» (١) انتهى الا أنه بمعونة الإجماع (٢) على تأثير الرد قبل القبول يقوي إرادته الأول من الاحتمالين. وعليه فلا مناص حينئذ عن رجوعه الى أحد الأقوال الآتية ـ كما ستعرف.
وكيف كان فحيثما يعتبر القبول (٣) ففي كونه جزء ناقلا للملك
__________________
(١) راجع منه كتاب الوصايا : مسألة (١٨).
(٢) كما ادعى ذلك في (الجواهر) و (الحدائق) وغيرهما من الفقهاء المتأخرين. وهو ـ مع تماميته ـ الدليل الحاسم في التأثير ، وإلا فاطلاقات الأدلة مانعة عن ذلك.
(٣) ويظهر من عبارة المصنف ـ قدس سره ـ الآتية : أن الأقوال ـ بناء على اعتبار القبول في الوصية ـ أربعة : (الأول) : كونه جزء للعقد ناقلا للملك من حيث صدوره وهو المشار اليه بقوله : (ففي كونه جزء ناقلا). (الثاني) ـ كونه جزء للعقد كاشفا عن الملك من حين موت الموصي ، وهو المشار اليه بقوله : (أو كاشفا عنه ..) (الثالث) كونه شرطا في استقرار الملك ولزومه لا في أصل ثبوته وهو المشار اليه بقوله : (أو شرطا للزوم الملك ..) (الرابع) كونه شرطا في حدوث الملكية المتزلزلة وتستقر بالقبض ، وهو المشار اليه بقوله : (أو بالقبول يملك ..). والقولان الأخيران يناسبان القول بإيقاعية الوصية ، كما أن الأولين يناسبان القول بعقديتها.