فمنعوا من الوصية للوارث ، تمسكا بما رووه عنه (ص) أنه قال : «لا وصية للوارث» (١).
واختلفوا في التفصي عن آية (كُتِبَ عَلَيْكُمْ) (٢) الدّالة بظاهرها على وجوب الوصية لهم ، فضلا عن الجواز : فذهب بعض الى نسخ الآية بجملتها بآية المواريث (٣) وبعض الى اختصاص النسخ بالوالدين مع تقييد الأقربين بغير الوارث ، للرواية (٤) وبعض الى حمل الوالدين بالخصوص على الكافرين حتى لا يكونا وارثين ، جمعا بينها وبين الحديث.
وأنت خبير بما في ذلك من التمحل من دعوى النسخ مع مخالفته للأصل ، فهي على عهدة مدّعيها ، والحمل للجمع فرع ثبوت الرواية ، فما ورد من طرقنا مما يوافقهم على المنع محمول على التقية. وأما الآية الشريفة ، فمحمولة على الاستحباب دون الوجوب.
(المسألة الثالثة) اختلفوا في صحة الوصية للكافر : فبين من منع عنها مطلقا ، وبين من جوّزها كذلك ، وبين من فصل بين الذمي والحربي فخص المنع بالثاني ، وبين من فصل بين القرابة فتصح ـ وإن كان حربيا ـ والأجنبي فتبطل ـ وان كان ذمّيا ـ وبين من فصل بينهما في خصوص
__________________
(١) وقد أشار إليه في (الوسائل الباب الآنف حديث ١٣) وذكر تأويل الشيخ الصدوق له بأنه لا وصية لوارث بأكثر من الثلث ، لا مطلقا ، فراجع.
(٢) تمام الآية هكذا (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) ـ سورة البقرة آية ١٨٠ ـ
(٣) وهي قوله تعالى (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) .. النساء ـ ١١ ـ
(٤) وهي التي أشار إليها ـ آنفا «لا وصية لوارث».