وبالجملة : فالفرق واضح بين فعلية أثر العقد ، وان توقفت الصحة على الشرط المتأخر كالقبض في الوقف والهبة ، وبين تعليقه المدلول عليه بنفسه.
إذا عرفت ذلك ، بقي في المقام مسائل : (المسألة الاولى) : لا يشترط اتصال القبول بالموت ، بل يجوز تأخيره عنه مطلقا بلا خلاف ، فضلا عن اعتبار مقارنته لإيجاب الوصية.
وفي جواز تقديمه في حياة الموصي قبل موته بمعنى الاكتفاء به عن تجديده بعده؟ قولان : الأكثر على الجواز. وقيل بالعدم ، كما عن (المختلف) وغيره ، معللين :
بعدم وقوع القبول في محله بعد أن كان مدلول الإيجاب معلقا على الموت الراجع ـ في الحقيقة ـ إلى كونه تمليكا منجزا عند الموت ، فيكون القبول حينئذ كالقبول قبل الوصية ، وبيع ما سيملك ، والطلاق قبل النكاح وهو حسن ، وإن تجرد الإيجاب عن المعنى الإنشائي وأنه محض إعلام لتحقق التمليك المنجز عند الموت ، فيكون حينئذ من قبيل الواجب المشروط
__________________
ويظهر رأي أبي حنيفة في الجواز مما ذكره الكاساني الحنفي في كتابه (بدائع الصنائع ج ٤ ص ١٨٦٦) باختصار منا : «إن الطلاق لا يخلو : إما أن يكون تنجيزا ، وإما أن يكون تعليقا بشرط ، وإما أن يكون إضافة الى وقت .. الى قوله ـ : ولو قال لأجنبية : أنت طالق إذا تزوجتك قبل أن أتزوجك ـ ثم تزوجها ـ وقع الطلاق ، لأنه أوقع الطلاق بعد التزوج ، ثم أضاف الواقع إلى ما قبل التزوج ، فوقع الطلاق ، ولغت الإضافة وكذلك إذا قال : أنت طالق قبل ان أتزوجك إذا تزوجتك ، فتزوجها يقع الطلاق ، ويلغو قوله : قبل أن أتزوجك ..» إلى آخر العبارة التي يتراءى من خلالها القول بالجواز.