إنما يتم على النقل أو الكشف من حين موته دون موت الموصي أو كونه منعتقا على الوارث دون المورث.
(المسألة الرابعة) لا تبطل الوصية بعروض الإغماء أو الجنون للموصي إجماعا ـ كما حكاه جدنا في (المصابيح) (١) وان بطلت بأحدهما سائر العقود الجائزة كالوكالة ونحوها ، لوضوح الفرق بينهما بشهادة بطلانها بالموت ، وهو في الوصية شرط في نفوذها ، فعدم البطلان بأحد العارضين أولى ، مضافا الى عدم انفكاك المرض غالبا عن أحدهما ـ سيّما الأول منهما ـ فيلزم بطلان وصايا المريض الا نادرا ، واشتراط العقل عند الوصية لاعتبار الشعور في الكشف عن المقصود لا يدل على اشتراط دوامه في الصحة ، فلتكن مستصحبة ما لم يرجع عنها.
(المسألة الخامسة) لا تصح الوصية بالمحرم ، للأصل ، ولأنه لو صحت لزم إما خروج المحرّم بالوصية عن كونه محرما ، أو وجوب ارتكاب المعصية على الوصي والأول خروج عن الفرض ، والثاني ضروري البطلان ، وللنص المفسّر للآية الشريفة «فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً» (٢).
ولو أوصى بما هو محلل عنده اجتهادا أو تقليدا ، ومحرم عند الوصي كذلك كالوصية بنقله المؤدي إلى الفساد الى أحد المشاهد المشرفة ، فلا إشكال في عدم جواز تنفيذه على الوصي ، فضلا عن وجوبه. وفي وجوب
__________________
(١) راجع منه آخر كتاب الوصية (مصباح) : «لا تبطل الوصية بالجنون والإغماء ، سواء استمر العارض الى الموت أو انقطع قبله إجماعا» والفرق بين الجنون والإغماء واضح ، فإن الأول زوال العقل أو فساده ، والثاني عطل الحواس أو إيقافها مع تغطية للعقل.
(٢) سورة البقرة ـ ١٨٢. وتمام الآية «فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» والجنف ـ بالتحريك ـ : مصدر جنف ـ بالكسر من باب تعب ـ معناه : الميل والعدول عن الحق.