الذمي ، وأبطلها في الحربي مطلقا.
وربما يستدل للأول منها : بكون الوصية له نوع موادّة منهي عنها بقوله تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) إلخ (١) بناء على أن المحادة لله لا تختص بالقائل منهم ، وقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ، وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ـ الى أن قال ـ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ : إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ، وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) (٢) وبالأخبار المستفيضة الواردة في النهي عن إطعام مطلق الكافر والصدقة عليه ، وبرّه حتى بسقيه الماء (٣) ونحو ذلك المشعر بالمنع من الوصية له بالأولوية.
ويستدل للثاني ـ أولا ـ بمنع الملازمة بين الوصية والموادّة ، فإنها ربما تكون لأغراض أخر ، كالمكافاة والتأليف ، ونحوهما ـ وثانيا ـ بمنع المنع عن الموادة مطلقا ، بل الممنوع منها : ما إذا كانت الموادّة من حيث كونه كافرا ومحادا على أن تكون الحيثية هي الداعية لها وهو بنفسه كفر ـ وثالثا ـ بالنقض بالهبة والعطية حال الحياة ، وليست الوصية إلا عطية بعد الموت ، ولا وجه للتفرقة بينهما بالموت والحياة ، على أن النهي هنا لا يدل على عدم صحة الوصية كالبيع وقت النداء.
ويستدل للثالث وهو التفصيل بين الذمي فتصح وغيره فتبطل : أما
__________________
(١) آخر آية سورة المجادلة.
(٢) الآية الأولى والثانية من سورة الممتحنة.
(٣) وردت روايات كثيرة بهذه المضامين في أبواب شتى في استحباب إطعام الطعام والصدقة والبر وسقي الماء ـ من كتب الأخبار ، فراجع.