الله) ١. وأُلقِيَ في عنقه طوق من نار ؛ ولذلك الطوق ثلاثمائة شعبة ، على كل شعبة شيطان يتفل في وجهه ، ويكلح من جوف قبره إلى النار.
فقال أبو ذر: قلت : فداك أبي وأمي يا رسول الله ، ملأتَ قلبي فرحاً وسروراً ، فزِدني.
فقال : يا أبا ذر ، لما أن عُرِج بي إلى السماء فصرت في الدنيا ، أذَّن ملك من الملائكة وأقام الصلاة. فأخذ بيدي جبريل فقدَّمني وقال لي : يا محمد ، صلِّ بالملائكة ، فقد طال شوقهم إليك.
فصلَّيت بسبعين صفاً ؛ الصفُّ ما بين المشرق والمغرب ، لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم. فلما انتفلتُ من صلاتي وأخذت في التسبيح والتقديس ، أقبلت إلى شرذمة بعد شرذمة من الملائكة ، فسلَّموا عليَّ وقالوا : يا محمد ، لنا إليك حاجة ، هل تَقضيها يا رسول الله؟
فظننت أن الملائكة يسألون الشفاعة عند رب العالمين ، لأن الله فضَّلني بالحوض والشفاعة على جميع الأنبياء. قلت : ما حاجتكم ملائكة ربي؟
قالوا : يا نبي الله ، إذا رجعت إلى الأرض فاقرأ علي بن أبي طالب عليه السلام منّا السلام ، وأعلمه بأن قد طال شوقنا إليه.
قلت : ملائكة ربي ، هل تعرفونا حق معرفتنا؟
فقالوا : يا نبي الله ، وكيف لا نعرفكم؟ وأنتم أول خلق الله ؛ خلقكم أشباح نور من نور في نور ، من سناء عزه ومن سناء ملكه ومن نور وجهه الكريم ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه وعرشه على الماء قبل أن تكون السماء مَبنيَّة والأرض مَدحيَّة ، وهو في الموضع الذي يتوفاه. ثم خلق السماوات والأرضين في ستة أيام. ثم رفع العرش إلى السماء السابعة فاستوى على عرشه ، وأنتم أمام عرشه تُسبِّحون وتُقدِّسون وتُكبِّرون. ثم خلق الملائكة من بدو ما أراد من أنوارشتّى.
__________________
١. سورة الزمر : الآية ٥٦.