«وقال ابن زيد : إنما يريد الأنبياء الذين جمعوا ليلة الإسراء. وهو الظاهر ، لأن من قال بالأول ـ يعني السؤال من أهل الكتابين التوراة والإنجيل ـ يحتاج أن يقدِّر فيه محذوفاً ، وتقديره : واسأل أمم من أرسلنا من قبلك» ١.
قوله جلَّ شأنه في سورة النجم : الآيات ٥ ـ ١٨ :
(عَلَّمَه شديد القُوَى * ذو مِرّة فاستَوَى * وهو بالأُفُق الأعلى * ثم دَنا فَتَدَلَّى * فكان قابَ قَوسَين أو أدنَى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كَذَبَ الفؤاد ما رأى * أفَتُمارونَه على ما يَرَى * ولقد رآه نَزلَةً أخرى * عند سِدرَة المُنتَهى * عندها جنَّة المأوَى * إذ يَغشَى السِدرَة ما يَغشَى * ما زاغَ البصر وما طَغَى * لقد رأى مِن آيات ربه الكُبرى).
وهذه الآيات المباركة تُبيِّن المعراج بكلِّ وضوح وظهور؛ فإنها بعد القسم بتزكية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وتصديقه ، والتصريح في الآية السابقة بأن نطقه وكلامه ليس إلا من كلام الله ووحيه ، وأنه صلى الله عليه وآله ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، بيَّن بعد ذلك من فضائله أنه صلى الله عليه وآله «عَلَّمَه شديد القُوى» ، أي علَّم الرسول من هو شديد القُوى في نفسه وعلمه ، والقُوى جمع القوَّة وهي القدرة.
وقد فسَّر القمي «شديد القوى» بالله تعالى ٢ ، وفسَّره الآخرون بجبرئيل. قال في المقتنيات بعد تفسيره بملك شديد قواه وهو جبرئيل : «ويكفيك دليلاً على شدة قواه أنه قطع قُرى قوم لوط من الماء الأسود تحت الثرى ، وحملها على جناحه ورفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ، ثم قلَّبها.
__________________
١. التبيان في تفسير القرآن : ج ٩ ص ٢٠٢.
٢. تفسير القمي : ج ٢ ص ٣٣٤.