وصاح بثمود صيحة ، فأصبحوا جاثمين.
ورأى جبرئيل إبليس يكلِّم عيسى عليه السلام في بعض عقبات الأرض المقدسة ، فنفخه بجناحه وألقاه في أقصى جبل في الهند.
وكان هبوطه وصعوده عليه السلام في أسرع من رَجعَة الطَرف» ١.
ثم وصف شديد القوى بقوله : «ذو مِرَّة فاستَوَى» ، أي ذو حصافة وإستحكام ، والمِرَّة هي قوة الخَلق والعقل.
واستوى أي استقام ، بمعنى أن جبرئيل إستقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله تعالى عليها ، التي ما رآها على تلك الصورة إلا رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال في المقتنيات :
«فاستوى» عطف على علَّمه ، أي فاستقام واستقرَّ بصورته التي خلقه الله عليها ، وله ستمائة جناح ، دون الصورة التي كان يتمثَّل بها كلَّمه هبط إلى الأرض. كما كان يهبط بالوحي أحياناً بصورة دحية الكلبي ، وأتى إبراهيم في صورة الضيف ، ولداوود في صورة الخصم. وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله أحبَّ أن يراه في صورته التي جعل عليها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بجبل حراء ـ وهو الجبل المسمَّى بجبل النور بقرب مكة ـ فقال جبرئيل : إن الأرض لا تًسَعُني ، ولكن انظُر إلى السماء. فطلع له جبرئيل من المشرق ، فسدَّ الأرض من المغرب وملأ الأُفق. فخرَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كما خرَّ موسى عليه السلام في جبل الطور. فنزل جبرئيل في صورة الآدميِّين ، فضمَّه إلى نفسه ، وجعل يَمسِح الغبار عن وجهه ....
وما رأى أحد من الأنبياء صورة جبرئيل بصورته غير نبيِّنا صلى الله عليه وآله ، فإنه رآه فيها مرَّتين ؛ مرة في الأرض وهي هذه، ومرة في السماء ليلة المعراج عند سدرة المنتهى.
ورُوِيَ أن حمزة بن عبد المطلب استدعى من الرسول صلى الله عليه وآله وقال : أرِني جبرئيل في صورته.
فقال : إنك لن تستطيع أن تَنظر إليه.
__________________
١. مُقتَنيات الدُرَر : ج ١٠ ص ٢٦١.