محمداً صلى الله عليه وآله. وعرضَت على الأمم ، فأبوا أن يقبلوها من ثقلها. وقبلها رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعرضها على أمته فقبلوها.
فلمارأى الله تبارك وتعالى منهم القبول ، علم أنهم لا يطيقونها. فلما أن سار إلى ساق العرش ، كرَّر عليه الكلام ليفهمه ؛ فقال : (آمَنَ الرسول بِما أُنزِل إليه مِن ربه).
فأجاب صلى الله عليه وآله مجيباً عنه وعن أمته : (والمؤمنون كلٌّ آمَن بالله وملائكته وكُتُبه ورُسله لا نُفرِّق بين أحد من رسله) ١.
فقال جلَّ ذكره : لهم الجنة والمغفرة على أن فعلوا ذلك.
فقال النبي صلى الله عليه وآله : أما إذا فعلَت ذلك بِنا ، غُفرانك ربنا وإليك المَصير : يعني المرجع في الآخرة.
قال : فأجابه الله عز وجل قد فعلت ذلك بك وبأمتك.
ثم قال عز وجل : أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها ، وقد عرضتُها على الأمم فأبوا أن يقبلوها وقبلَتها أمتك. حقٌّ عليَّ أن أرفعها عن أمتك ، وقال : (لا يُكلِّف الله نَفساً إلا وُسعَها لها ما كسبَت) من خير (وعليها ما اكتسبَت) ٢ من شرٍّ.
فقال النبي صلى الله عليه وآله لما سمع ذلك : إما إذا فعلَت ذلك بي وبأمتي فزِدني.
قال : سل.
قال : (ربنا لا تؤاخِذنا إن نسينا أو أخطأنا) ٣.
قال الله عز وجل : لستُ أُؤاخذ أمتك بالنسيان والخطأ لكرامتك عليَّ ، وكانت الأمم السالفة إذا نسوا ما ذكروا به ، فتحتُ عليهم أبواب العذاب ، وقد رفعت ذلك عن أمتك.
وكانت الأمم السالفة إذا أخطأوا ، أخذوا بالخطأ وعوقِبوا عليه ، وقد رفعت ذلك عن أمتك لكرامتك عليَّ.
__________________
١. سورة البقرة : الآية ٢٨٥.
٢. سورة البقرة : الآية ٢٨٦.
٣. سورة البقرة : الآية ٢٨٦.