أتاني الثانية ، فهمزني برجلي فاستيقظت. فأخذ بضبعي فوضعني في شيء كوَكَر الطير. فلمّا طرفت ببصري طرفة ، فرجعت إليَّ وأنا في مكان ، فقال : أتدري أين أنت؟
فقلت : لا يا جبرئيل.
فقال : هذا بيت المقدس ، بيت الله الأقصى ، فيه المحشر والمنشر.
ثم قام جبرئيل فوضع سبّابته الُمنى في أُذنه اليمنى ، فأذَّن مَثنى مَثنى ، يقول في آخرها : حيِّ على خيرالعمل ، مَثنى مَثنى. حتى إذا قضى أذانه ، أقام الصلاة مَثنى مَثنى ، وقال في آخرها : قد قامت الصلاى ، قد قامت الصلاة. فبرق نور من السماء ، ففتحت به قبور الأنبياء. فأقبلوا من كلِّ أوب يلبُّون دعوة جبريل. فوافي أربعة آلاف وأربعمائة نبي وأربعة عشر نبياً ، فأخذوا مصافِّهم ، ولا أشك أن جبرئيل سيقدَّمنا.
فلمّا استووا على مصافِّهم ، أخذ جبرئيل بضبعي ، ثم قال لي : يا محمد ، تقدَّم بإخوانك ، فالخاتم أولى من المختوم. فالتفتُّ عن يميني ، وإذاً أنا بأبي إبراهيم عليه السلام ، عليه حلَّتان خضراوان ، وعن يمينه ملكان ، وعن يساره ملكان.
ثم التفت عن يساري ، وإذاً أنا بأخي ووصيي علي بن أبي طالب عليه السلام ، عليه حلَّتان بيضاوان ، عن يمينه ملكان ، وعن يساره ملكان. فاهتززتُ سروراً ، فغمز بي جبرئيل بيده.
فلمّا انقضّت الصلاة ، قمت إلى إبراهيم عليه السلام فقام اليَّ فصافحني ؛ وأخذ بيميني بكلتا يديه وقال : مرحباً بالنبي الصالح والإبن الصالح والمبعوث الصالح في الزمان الصالح. وقام إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، فصافحه وأخذ بيمينه بكلتا يديه وقال : مرحباً بالإبن الصالح ووصي النبي الصالح ، يا أبا الحسن.
فقلت له : يا أبة ، كنَّيتَه ، بأبي الحسن ولا ولده له؟
فقال : كذلك وجدتُه في صُحُفي وعلم غيب ربي بإسمه عليَّ ، وكنَّيتُه بأبي الحسن واين ، ووصيِّ خاتم أنبياء ربي.