فقلت له : يا جبرئيل! قل له فليَردَّ عليها غطاءها ، فأمرها.
فقال لها : إرجِعي ، فرجعَت إلى مكانها الذي خرجت منه.
ثم مضيت فرأيت رجلاً أدماً جسيماً ، فقلت : من هذا يا جبرئيل.
فقال : هذا أبوك آدم. فإذاً هو يعرض عليه ذريته ، فيقول : روح طيب وريح طيبة من جسد طيب.
ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله سورة المطفِّفين على رأس سبعة عشر آية : (كَلّا إن كتاب الأبرار لَفي عِلِّيِّين * وما أدراك ما عِلِّيُّون * كتاب مرقوم) ١ ، إلى آخرها.
قال : فسلَّمت على أبي آدم وسلَّم عليَّ ، واستغفرتُ له واستغفر لي ، وقال : مرحباً بالإبن الصالح ، والنبي الصالح ، والمبعوث في الزمن الصالح.
ثم مررتُ بملك من الملائكة وهو جالس ، وإذاً جميع الدنيا بين ركبتيه ، وإذاً بيده لوح من نور ، فيه كتاب ينظر فيه ولا يلتفت يميناً ولا شمالاً ؛ مقبلاً عليه كهيئة الحزين! فقلت : من هذا يا جبرئيل؟
فقال : هذا ملك الموت ، دائب في قبض الأرواح.
فقلت : يا جبرئيل أدنني منه حتى أكلِّمه. فأدناني منه فسلَّمتُ عليه ، وقال له جبرئيل : هذا محمد نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد. فرحَّب بي وحباني بالسلام ، وقال : إبشِر يا محمد ، فإني أرى الخير كله في أمتك.
فقلت : الحمد لله المنّان ذي النِعَم على عباده ، ذلك من فضل ربي ورحمته عليَّ.
فقال جبرئيل : هو أشدُّ الملائكة عملاً.
فقلت : أكلُّ من مات أو هو ميت فيما بعد هذا تَقبض روحه؟
قال : نعم.
قلت : تَراهم حيث كانوا وتشهدهم بنفسك؟
فقال : نعم ، ما الدنيا كلها عندي فيما سخَّرها الله لي ومكَّنني منها إلا كالدرهم في كفِّ
__________________
١. سورة المطففين : الآية ١٨ ـ ٢٠.