ثم صعدنا إلى السماء الخامسة ، فإذاً فيها رجل كهل عظيم العين ، لم أرَ كهلاً أعظم منه ، حوله ثُلَّة من أمته ، فأعجبَتني كثرتهم!
فقلت : من هذا يا جبرئيل؟
قال : هذا المُحبَّب في قومه ؛ هارون بن عمران عليه السلام. فسلَّمتُ عليه وسلَّم عليَّ واستغفرت له واستغفر لي. وإذاً فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات.
ثم صعدنا إلى السماء السادسة ، وإذاً فيها رجل أدم ، طويل شعره ، ولو أن عليه قميصين لنَفَذ شعره منهما. فسمعته يقول : تَزعم بنو إسرائيل أنى أكرم وُلد آدم على الله ، وهذا الرجل أكرم على الله مني.
فقلت : من هذا يا جبرائيل؟
قال : هذا أخوك موسى بن عمران عليه السلام. فسلَّمتُ عليه وسلَّم عليَّ واستغفرت له واستغفر لي. وإذاً فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السموات.
ثم صعدنا إلى السماء السابعة ، فما مررتُ بملك من الملائكة إلا قالوا : يا محمد ، احتَجِم وأمرُ أمتك بالحجامة. وإذاً فيها رجل أشمَط الرأس ١ واللحية ، جالس على كرسي.
فقلت : يا جبرئيل ، من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله؟
فقال : هذا أبوك إبراهيم عليه السلام ، وهذا محلك محل من اتقى من أمتك. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله : (إن أولَى الناس بإبراهيم لَلذين اتبَعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله وَلِيُّ المؤمنين) ٢. قال صلى الله عليه وآله : فسلَّمت عليه وسلَّم عليَّ ، وقال : مرحباً بالنبي الصالح والإبن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح. وإذاً فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات. فبشَّرني بالخير لي ولأمتي.
__________________
١. «الشَمَط» هو البياض يُخالط السواد في الشعر.
٢. سورة آل عمران : الآية ٦٨.