فأوحى الله عز وجل إليَّ : بلى.
فقلت : وكيف يأبي؟
فأوحى الله إليَّ : يا محمد ، اخترتك من خلقي واخترت لك وصياً من بعدك ، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيَّ بعدك. وألقيت محبته في قلبك ، وجعلته أباً لوُلدك.
فحقُّه بعدك على أمتك كحقِّك عليهم في حياتك ، فمن جحد حقَّه فقد جحد حقَّك ، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك ، ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنة.
فخررتُ لله عز وجل ساجداً شكراً لِما أنعم عليَّ. فإذاً منادياً ينادي : ارفَع يا محمد رأسك ، وسَلني أُعطَك.
فقلت : إلهي ، اجمَع أمتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب ليَرِدوا جميعاً عليَّ حوضي يوم القيامة؟
فأوحى الله تعالى إليَّ : يا محمد ، إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ـ وقضائي ماض فيهم ـ لأهلك به من أشاء وأهدى به من أشاء. وقد آتيته علمك من بعدك ، وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأُمَّتك.
عزيمة منِّي لأدخل الجنة من أحبَّه ولا أُدخل الجنة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك. فمن أبغضه أبغضك ومن أبغضك أبغضني ، ومن عاداه فقد عاداك ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أحبَّه فقد أحبَّك ومن أحبَّك فقد أحبَّني ، وقد جعلت له هذه الفضيلة.
وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديّاً ، كلُّهم من ذرِّيتك من البكر البتول. وآخر رجل منهم يصلِّي خلفه عيسى بن مريم ، يملؤ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، أُنجي به من الهلكة ، وأُهدي به من الضلالة ، وأُبرئ به من العَمي ، وأشفي به المريض.
فقلت : إلهي وسيِّدي، متى يكون ذلك؟
فأوحى الله جلَّ وعزَّ : يكون ذلك إلا رفع العلم وظهر الجهل ، وكثر القرّاء ، وقلَّالعمل ، وكثر القتل ، وقلَّ الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة والخونة ، وكثر الشعراء ، واتخذ