قال : فركب ، فكلَّما هبطَت ، ارتفعَت يداها ، وقصرَت رجلاها. وإذا صعدَت ، ارتفعَت رجلاها وقصرَت يداها.
فمرَّت به في ظلمة الليل على عير محملة ، فنفرَت العير من دفيف البراق. فنادى رجل في آخر العير غلاماً له في أول العير : يا فلان ، إن الإبل قد نفرَت ، وإن فلانة ألقَت حملها وانكسر يدها. وكانت العير لأبي سفيان.
ثم مضى حتى إذا كان ببطن البلقاء ، قال : يا جبرئيل ، قد عطشتُ. فتناول جبرئيل قصعة فيها ماء ، فناوله فشرب.
ثم مضى فمرَّ على قوم معلقين بعراقيبهم بكلاليب من نار ، فقال : ما هؤلاء يا جبريل؟!
فقال : هؤلاء الذين أغناهم الله بحلال ، فيَبتَغون الحرام.
ثم مرَّ على قوم تخاط جلودهم بمخايط من نار. فقال : ما هؤلاء يا جبرئيل؟!
فقال : هؤلاء الذين يأخذون عُذرة النساء بغير حلٍّ.
ثم مضى على رجل يرفع حزمة من حطب ، كلما لم يستطع أن يرفعها زاد فيها. فقال : من هذا يا جبرئيل؟!
قال : هذا صاحب الدَين يريد أن يقضى ، فإذا لم يستطع زاد عليه.
ثم مضى حتى إذا كان بالجبل الشرقي من بيت المقدس ، وجد ريحاً حارَّة وسمع صوتاً. قال : ما هذه الريح ـ يا جبرئيل ـ التي أجدها ، وهذا الصوت الذي أسمع؟!
قال : هذه جهنم.
فقال النبي صلى الله عليه وآله : أعوذ بالله من جهنم.
ثم وجد ريحاً عن يمينه طيبة وسمع صوتاً ، فقال : ما هذه الريح التي أجدها وهذا الصوت الذي أسمع؟!
قال : هذه الجنة.
فقال : أسأل الله الجنة.
ثم مضى ؛ أي هابطاً إلى الأرض ، حتى انتهى إلى باب مدينة بيت المقدس وفيها