فمرَّ على ملك قاعد على كرسي ، فسلَّم عليه فلم ير منه من البُشر ما رأى من الملائكة! فقال : يا جبرئيل ، ما مررت بأحد من الملائكة إلا رأيت منه ما حبُّ إلا هذا ، فمن هذا الملك؟
قال : هذا مالك خازن النار. أما إنه قد كان من أحسن الملائكة بُشراً وأطلقهم وجهاً. فلما جعل خازن النار، إطلع فيها إطلاعة ١ فرأى ما أعدَّ الله فيها لأهلها. فلم يضحم بعد ذلك.
ثم مضى حتى إذا انتهى حيث انتهى فرضت عليه الصلاة خمسون صلاة. فأقبل ، فمرَّ على موسى عليه السلام فقال : يا محمد ، كم فرض على أمتك؟
قال : خمسون صلاة.
قال : إرجع إلى ربك فاسأله أن يخفِّف على أمتك ، فرجع. ثم مرَّ على موسى عليه السلام فقال : كم فرض على أمتك؟
قال : كذا وكذا.
قال : فإن أمتك أضعف الأمم ، إرجع إلى ربك فاسأله أن يخفِّف عن أمتك ، فإني كنت في بني اسرائيل ، فلم يكونوا يطيقون إلا دون هذا. فلم يزل يرجع إلى ربه عز وجل حتى جعلها خمس صلوات.
قال : إرجع إلى ربك فاسأله أن يخفِّف عن أمتك.
قال : قد استحييتُ من ربي ما أرجع إليه.
ثم مضى ، فمرَّ على إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام. فناداه من خلفه فقال : يا محمد ، إقرأ أمتك عني السلام ، وأخبِرهم أن الجنة ماؤها عَذب ، وتربتها طيبة ، فيها قيعان بيض ، غرسها «سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله اكبر» و «لا حول ولا قوة إلا بالله». فمُر أمتك فليُكثِروا من غرسها.
ثم مضى ـ أي في هبوطه أيضاً ـ حتى مرَّ بِعَير يقدمها جمل أورق. ثم أتى أهل مكة
__________________
١. وفي نسخة : اضطلع فيها إضطلاعة.