كل من أطاعَ لمن قَهره فأعطاها عن غير طيبة نفس فقد أعطاها عن يدٍ.
وقال الكلبيّ في قوله : (عَنْ يَدٍ) : قال يَمْشُون بها.
وقال أبو عبيد : لا يجيئون بها رُكْبَانا ولا يُرْسلُون بها.
وقال أبو إسحاق : قيل معنى (عَنْ يَدٍ) ، أي عن ذُل وعن اعترافٍ للمسلمين بأن أيديهم فوق أيديهم.
وقيل : (عَنْ يَدٍ) أي عن قَهْر وذُلّ كما تقول : اليدُ في هذا لِفلان أي الأمر النافذ لفلان ، وقيل (عَنْ يَدٍ) أي عن إنعامٍ عليهم بذلك ، لأن قبول الجِزْيَة منهم وترك أنفسهم عليهم إنعام عليهم ، ويَد من المعروف جزيلة.
وقال الليث : يَدُ النعمة : النعمةُ السَّابِغَة ، ويدُ الفأسِ ونحوِها مَقْبِضُها ، ويدُ القوس سِيَتُها ، ويدُ الدهر مَدُّ زَمانِه ، ويد الريح سُلطانُها.
وقال لبيد :
نِطافٌ أمْرُها بِيَدِ الشَّمال |
لَمَّا مُلِّكَت الريحُ تَصْرِيفَ السَّحابِ |
جُعِل لها سلطانٌ عليه ، ويقال : هذه الضَّيْعَةُ في يدِ فلانٍ أي مِلكه ، ولا يقال : في يَدَيْ فلان ويقال : بيْن يَديْك كذا ، لكلّ شيء أمامك. قال الله : (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) [الأعراف : ١٧] ، ويقال : يثُورُ الرَّهَجُ بَيْن يَدَي المطر ويَهِيجُ السِّبابُ بين يَدَيِ القِتال.
ويقال : يَدِيَ فلانٌ من يَده إذا شَلَّتْ ، ورجل مَيْدِيٌ أي مَقطوع اليَدِ من أصلها ، يَدَيْتُ يدَه أي ضَربتُ يَدَه ، واليُداء وَجَعُ اليَدِ ، وأَيديتُ عِنْده يَدا ، أيْ أنْعَمْتُ عليه.
ويقال : إن فلانا لذو مالٍ يَيْدِي به ويبوعُ أي يَبْسُط بِهِ يَدَه وباعه ، وذهب القوم أيدِي سبا أي مُتَفَرِّقين في كل وجهٍ ، وذهبوا أيَادي سبا.
وقال غيره : اليَدُ الطريق ، ههنا يقال : أخذ فلانٌ يَدَ بحر إذا أخذ طريق البحر ، وأهلُ سَبأ لما مُزّقوا في الأرض كلَّ ممزّق ، أخذُوا طُرُقا شتى فصاروا أَمْثالا لمن يَتَفَرَّقون آخذين طُرُقا مختلفة.
وقال الليث : النسبةُ إلى يَدٍ يَدِيّ على النقصان.
وقال : وتجمع يَدُ النعمة أيَادِيَ ويدِيّا ، وتُجْمَعُ اليَدُ التي في الجَسد الأيدِي ، وثَوْبٌ يدِيٌ واسع وأنشد :
* بالدَّارِ إذ ثوْبُ الصِّبا يَدِيُ *
وقال ابن عَرَفة في قوله جلّ وعزّ : (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَ وَأَرْجُلِهِنَ) [الممتحنة : ١٢] أي مِن جميع الجهات ، قال : والأَفعالُ تنسَب إلى الجوارح ، وسُمِّيت جَوارحَ لأنها تَكْتَسِبُ.