وأنشد أبو عطاء السندي وكان فصيحا :
عَشِيةَ قام النَّائحاتُ وشُقِّقَتْ |
جُيُوبٌ بِأَيْدِي مأتَمٍ وَخدودُ |
فجعل المأتم النساءَ ولم يَجْعَلْهُ النِّياحةَ ، ثم ذَكَر بيت ابن مقبل.
وقال ابن أحمر :
وكَوْمَاءَ تَحْبُو ما يُشَيِّعُ ساقُها |
لَدَى مِزْهر ضَارٍ أَجَشَّ وَمَأْتَمِ |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : اليتيم المفرد من كل شيء ، قال : والوَتْمَةُ السَّيرُ الشَّديدُ.
أمت : قال الله جلّ وعزّ : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧)) [طه : ١٠٧].
قال الفرّاء : الأَمْتُ ـ النَّبَكُ ـ من الأَرض ما ارتفع منها ، ويقال : مَسَايِل الأوْدِيَةِ ما تسفل.
وقد سمعتُ العرب تقول : قد مَلأَ القِرْبَة مَلأً لا أَمْتَ فيه ، أي ليس فيه استِرْخاءٌ مِنْ شِدَّةِ امْتلائِها ، ويقال : سِرْنا سَيْرا لا أَمْتَ فيه ، أي لا ضَعْفَ فيه ولا وَهْن.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الأمْتُ وَهْدَةٌ بين نُشُوزٍ ، وقال : يقال : كَمْ أَمْتُ ما بينك وبين الكوفة؟ أي قَدْرُ.
وقال أبو زيد : أَمَتُ القوم آمِتهُم أَمْتا إذا حَرَزْتَهُمْ ، وأَمَتَ الماءَ أَمْتا إذا قدَّرتَ ما بينك وبينه ، قال رؤبة :
* أَيْهَاتَ منها ماؤُها المأْمُوتُ *
وهو المحزور ، ويقال : إيمتْ هذا لي كم هو ، أي احْزِرْهُ كم هو؟ وقد أَمَتُّهُ آمتُهُ أمْتَا.
وقال ابن الأعرابيّ : الأمْتُ الطريقةُ الحسنَة ، والأمْتُ تَخَلْخُل القِرْبَةِ إذا لم يُحْكَمْ إفْراطُها.
وروى شمر بإسناد له حديثا عن أبي سعيد الخُدْرِيّ : أنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنَّ اللهَ حَرَّمَ الخمرَ فلا أَمْتَ فيها ، وأنا أَنْهَى عن السُّكْر والْمُسْكِر».
وقال شمر : أنشدني ابنُ جابر :
ولا أَمْتَ في جُمْلٍ لياليَ ساعَفَتْ |
بها الدَّارُ إلا أَنَّ جُمْلا إلى بُخْلِ |
قال : لا أَمْتَ فيها أي لا عَيْبَ فيها.
قلت : معنى قول أبي سعيد عن النبي : أن الله حرم الخمر فلا أَمْتَ فيه معناه غيرُ معنى ما في البيت ، أراد أنَّه حرَّمها تحريما لا هوادة فيه ولا لين ، لكنه شدَّدَ في تحريمها ، وهو من قولك : سِرتُ سيْرا لا أَمْتَ فيه أي لا وَهْن فيه ولا ضعف ، وجائز أن يكون المعنى أنهُ حرَّمها تحريما لا شكّ فيه. وأصله من الأَمْتِ بِمَعْنَى الحَزْرِ والتقدير لأن الشك يدخلها.
قال العجاج :
* ما في انطلاقِ رَكْبِه من أمْتِ *