قال : وتكسران جميعا وتنصبان جائزان.
وقول الله جلّ وعزّ (إِذْ أَدْبَرَ) [المدثر : ٣٣] قرأها ابن عباس ومجاهد (والليل إذا دَبَر) ، وقرأها كثير من الناس : (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ).
قال الفراء : وهما لغتان دبَر النهارُ وأَدبر ودبَر الصيفُ وأدبَر ، وكذلك قَبَلَ وأَقْبَل ، فإذا قالوا : أَقْبَل الراكبُ أَو أَدبَر ، لم يقولوا إلّا بالألف ، وإنهما عندي في المعنى لواحدٌ لا أُبْعد أن يأتي في الرِّجال ما أتى في الأزمنة.
وقال غير الفراء بمَعنى قوله : «والليل إذا دَبَر» ، جاء بعد النهار كما تقول خَلَفَ ، يقال : خَلَفني فلان ، ودَبَرني أي جاء بعدي ، ومن قرأ : (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (٣٣)) [المدثر : ٣٣] فمعناه وَلَّى ليذهب.
وقول الله جلّ وعزّ : (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأنعام : ٤٥].
وقال في موضع آخر : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ) [الحجر : ٦٦].
أخبرني المنذريّ عن أبي طالب ابن سلمة قال : قولهم : قَطَعَ الله دابِرَه.
قال الأصمعيّ وغيره : الدابِرُ الأصل أي أذهب الله أصله.
وأنشد :
فِدًى لكما رِجْلَيَّ أُمِّي وخَالَتي |
غَداةَ الكلابِ إذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ |
أي يُقتل القومُ فتذهب أصولُهم ولا يبقى لهم أَثرٌ.
وقال ابن بزرج : دابرُ الأمر آخره ، وهو على هذا كأنه يدعو عليه بانْقطاع العَقِب حتى لا يبقى له أحد يَخلُفه ، وعَقِبُ الرجل دابرُه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ. قال : الدَّابِرةُ الْمشْؤومةُ ، والدَّابِرةُ الهزيمة ، والدَّابِرةُ صيصيّةُ الدِّيك. قال : والمَدْبُور : الكثير المال ، والمدْبور المجروح.
وقال ابن السكيت : الدَّبْرُ النَّحْلَ وجَمْعُه دُبُورٌ. قال لبيد :
* وأَرْيَ دبور شَارَهُ النَّحْلَ عَاسِلُ*
قال : والدَّبْر المال الكثير. يقال : مالٌ دَبْر ومالان دَبْرٌ وأموال دَبْرٌ ومثله مال دَثْر.
ويقال : جعل الله عليهم الدَّبَرَةَ : أي الهزيمة ، وجعل لهم الدَّبْرَة عَلَى فلان أي الظَّفَرَةَ والنُّصْرَةَ ، وقال أبو جهل لابن مسعود يوم بدر وهو مُثْبَتٌ جَرِيحٌ : لمنْ الدَّبرَةُ؟ فقال : لله ولرسوله يا عدُوَّ الله.
أبو عبيد عن أبي عمر : والدِّبارُ ، المَشَارَاتُ واحدتها دَبَره.
قال الليث : وهي الكُرْدَةُ من المزْرَعة ، وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تَدابَرُوا ولا تَقَاطَعُوا».