وقال أبو عبيد : التَّدابر : المصارمة والهِجرانُ ، مأخوذ من أن يُولِّي الرجلُ صاحبَه دُبرَه ويُعْرِضَ عنه بوجهه وأنشد :
أَأَوْصَى أَبو قَيْس بأَن تَتَوصَّلُوا |
وأَوْصَى أَبُوكم وَيحْكُمْ أن تَدَابروا |
ويقال : إن فلانا لو استقبلَ من أمره ما استدبره لَهُدِيَ لِوجْهة أمره ، أي لو علم في بَدْءِ أمرِه ما علمه في آخره لاسترشد أمره ، وقال أَكْثَمُ بنُ صَيْفيّ لبنيه : يا بَنيَّ لا تَتَدبرُوا أعجازَ أُمور قد ولَّتْ صُدورها.
يقول : إذا فاتكم الأمْر لم ينفعكم الرأيُ وإن كان مُحْكَما. والتدْبِيرُ أن يُعْتِق الرجلُ عبدَه بعد موتِه فيقول له : أنت حرٌ بعد موتي ، والتدبير أيضا أن يُدَبِّرَ الرجلُ أمرَه ويَتَدَبَّرهُ أي ينظر في عواقبه ، والدَّبرانُ نجمٌ بين الثريّا والجوزاء ، ويقال له : التَّابع والتُّويْبعُ ، وهو من منازل القمر ، سُمي دَبرانا لأنَّه يدْبُرُ الثُّريا أي يَتْبَعُه ، والدَّبُور ريحٌ تَهُبّ من نحو المغرب ، والصَّبا تقابلهما من ناحية المشْرق.
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «نُصِرتُ بالصَّبا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبور».
وقال الأصمعيّ : دَبَرَ السهمُ الهدفَ يَدْبُره دَبْرا إذا صار من وراءِ الهَدَفِ ، ودَبِرَ البَعيرُ يَدْبِرُ دَبَرا.
ويقال : ناقة مُقَابلةٌ مُدابَرة : أي كريمة الطرفين من قبل أبيها وأمها ، وغلام مُدَابَرُ مُقابلَ كريم الطرفين ، ويقال : ذهب فلان كما ذهب أمس الدابر ، وهو الماضي لا يرجع أبدا ، ويقال : جعلت كلامه دَبْرَ أُذُنِي أَيْ : أَعْرَضتُ عنه ، ولم أَلْتفِتْ إليه.
وفي حديث النجاشي أنه قال : ما أحِبّ أن لي دَبْرا ذَهَبا وأني آذيتُ رجلا من المسلمين ، وفُسِّر الدَّبْر بالجَبَل في الحديث ؛ ولا أدري أَعربي هو أم لا؟
وقال أبو الهيثم : الدَّبْر : الموت يُقال : دَابَر الرجلُ إذا مات.
وقال أمية :
زَعَمَ جُدعَانُ ابْنُ عَم |
رو أنّني يَوْما مُدَابر |
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه نهى أن يُضَحّى بمقَابَلةٍ أو مُدَابَرة.
وقال أبو عبيد : قال الأصمعيّ : المقَابلة أن يُقطعَ من طَرَف أذنها شيءٌ ثم يتركَ مُعَلَّقا لا يَبينُ كأنه زَنَمَة ، ويقال لمثل ذلك من الإبل : المزَنَّمُ ، ويسمى ذلك المعَلقُ الرَّعُل ، والمدابرةُ أن يُفْعَل ذلك بمؤَخّر الأذن من الشاة.
قال الأصمعيّ : وكذلك إن بَانَ ذلك من الأذن فهي مُقَابَلةٌ ومُدَابَرةٌ ، بعد أنْ كان قَطْعٌ.
قال ويقال : شَاةٌ ذات إقْبَالةٍ وإدْبَارةٍ إذا شُقّ مُقَدّمُ أُذُنها ومُؤَخّرها وفُتِلَتْ كأنها زنمة.