للزيارة النبويّة ، وأنَّه ليس من القرب بل يضدُّ ذلك ، وردَّ عليه الشيخ تقيّ الدين السبكي في شفاء السقام فشفى صدور المؤمنين.
٢٣ ـ ذكر شيخ الإسلام أبو يحيى زكريّا الأنصاري الشافعي المتوفّى (٩٢٥) : في أسنى المطالب شرح روض الطالب ـ لشرف الدين إسماعيل بن المقري اليمني ـ (١ / ٥٠١) ما يستحبّ لمن حجَّ وقال : ثمّ يزور قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويسلِّم عليه وعلى صاحبيه بالمدينة المشرّفة. ثمّ ذكر شطراً من أدلّتها وجملة من آداب الزيارة.
٢٤ ـ قال ابن حجر الهيتمي المكي الشافعي المتوفّى (٩٧٣) (١) في كتابه الجوهر المنظّم في زيارة القبر المكرّم (ص ١٢) ـ طبع سنة (١٢٧٩) بمصر ـ بعد ما استدلَّ على مشروعيّة زيارة قبر النبيّ بعدّة أدلّة ، منها الإجماع : فإن قلت : كيف تحكي الإجماع على مشروعيّة الزيارة والسفر إليها وطلبها وابن تيميّة ـ من متأخِّري الحنابلة ـ منكر لمشروعيّة ذلك كلّه كما رآه السبكي في خطِّه؟ وقد أطال ابن تيميّة الاستدلال لذلك بما تمجّه الأسماع ، وتنفر عنه الطباع ، بل زعم حرمة السفر لها إجماعاً وأنَّه لا تقصّر فيه الصلاة ، وأنّ جميع الأحاديث الواردة فيها موضوعة ، وتبعه بعض من تأخّر عنه من أهل مذهبه.
قلت : من هو ابن تيميّة حتى يُنظر إليه أو يُعوَّل في شيء من أُمور الدين عليه؟ وهل هو إلاّ كما قال جماعة من الأئمّة الذين تعقّبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة ، حتى أظهروا عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته ، كالعزّ بن جماعة : عبد أضلّه الله تعالى وأغواه ، وألبسه رداء الخزي وأرداه ، وبوّأه من قوّة الافتراء والكذب ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان. ولقد تصدّى شيخ الإسلام وعالم الأنام المجمع على جلالته واجتهاده وصلاحه وإمامته التقيُّ السبكيُّ ـ قدّس الله روحه ونوّر ضريحه ـ للردِّ عليه في تصنيف مستقلّ أفاد فيه وأجاد ، وأصاب ، وأوضح بباهر حججه طريق الصواب. ثمّ قال :
__________________
(١) المشهور أنّ وفاته في الثالث والعشرين من رجب سنة (٩٧٤) إلاّ ما كان في البدر الطالع للشوكاني ، فإنّه أرّخ وفاته سنة (٩٧٣).