ومن الممكن أن يكشف لنا العلم في مستقبله ما هو أسرع سيراً من هاتيك كلّها (١).
إذن فأيّ وازع من أن يكون من عاديّات الوليّ مهما أراد التمكّن من أمثال هذا السير؟ وما ذلك على الله بعزيز ، على أنّا لا نساوي مولانا أمير المؤمنين ومن جرى مجراه من أئمّة الهدى عليهمالسلام بغيرهم من أفراد الرعيّة ، ولا بأحدٍ من أولياء الله المقرّبين ولا بأحد من حملة العلم والمكتشفين ، فنجوِّز فيهم صدور المعجز متى اقتضته المصلحة ، بل هو من واجب مقامهم.
وإن تعجب فعجبٌ أنَّ فئةً ممّن ران على قلوبهم ما كانوا يعملون تحاول دحض هذه المكرمة في مولانا أمير المؤمنين ، وهم يخضعون لمثلها في غيره ممّن هو دونه من دون أيّ غمز ونكير.
١ ـ روى الحافظ ابن عساكر في تاريخه (٢) (٤ / ٣٣) عن السرّي بن يحيى قال : كان حبيب بن محمد العجمي البصري يُرى يوم التروية بالبصرة ويوم عرفة بعرفات.
٢ ـ قال الحافظ ابن كثير في تاريخه (٣) (١٣ / ٩٤) : ذكروا أنَّ الشيخ عبد الله اليونيني المتوفّى (٦١٧) كان يحجُّ في بعض السنين في الهواء ، وقد وقع هذا لطائفة كبيرة من الزهّاد وصالحي العباد ، ولم يبلغنا هذا عن أحد من أكابر العلماء ، وأوّل من يذكر عنه هذا : حبيب العجمي ، وكان من أصحاب الحسن البصري ثمّ من بعده من الصالحين.
__________________
(١) وهذا ما حصل بالفعل ، فطائرة الكونكورد لنقل المسافرين التي تم اختراعها مؤخراً تضاهي سرعتها سرعة الصوت. فضلاً عن الطائرات الحربية التي تبلغ سرعة قسم منها أضعاف سرعة الصوت.
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ١٢ / ٥٦ رقم ١١٩٣ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ١٨٨.
(٣) البداية والنهاية : ١٣ / ١١٠ حوادث سنة ٦١٧ ه.