٣ ـ كان أحمد بن محمد أبو بكر الغسّاني الصيداوي : المتوفّى (٣٧١) ينام بعد ما صلّى العصر إلى ما قبل صلاة المغرب ، فجاءه رجلٌ ذات يوم يزوره بعد العصر فغفل ، فتحدّث معه وترك عادة النوم ، فلمّا انصرف سأله الخادم عنه فقال : هذا عريف الأبدال يزورني في السنة مرّة. قال : فلم أزل أرصده إلى مثل ذلك الوقت حتى جاء الرجل فوقفت حتى فرغ من حديثه ثمّ سأله الشيخ : أين تريد؟ فقال : أزور أبا محمد الضرير في مغار ، قال الخادم : فسألته أن يأخذني معه فقال : باسم الله ، فمضيت معه ، فخرجنا حتى صرنا عند قناطر الماء فأذّن المؤذِّن المغرب ، قال : ثم أخذ بيدي وقال : قل : باسم الله ، قال : فمشينا دون العشر خطىً فإذا نحن عند المغارة ـ وهي مسير إلى ما بعد الظهر ـ قال : فسلّمنا على الشيخ وصلّينا عنده وتحدّثنا عنده ، فلمّا ذهب ثلث الليل قال لي : تحبُّ أن تجلس هاهنا أو ترجع إلى بيتك؟ فقلتُ : أرجع. فأخذ بيدي وسمّى بباسم الله ومشينا نحو العشر خطىً ، فإذا نحن على باب صيدا ، فتكلّم بشيء فانفتح الباب ودخلت ، ثمّ عاد الباب. تاريخ ابن عساكر (١) (١ / ٤٤٣).
٤ ـ كان ببغداد رجلٌ من التجّار قال : إنّي صلّيت يوماً الجمعة ، وخرجت فرأيت بشراً الحافي يخرج من المسجد مسرعاً ، فقلت في نفسي : أنظر إلى هذا الرجل الموصوف بالزهد لا يستقرُّ في المسجد ، ثمّ إنَّني اتّبعته فرأيته تقدّم إلى الخباز واشترى بدرهم خبزاً فقلت : أنظر إلى الرجل يشتري خبزاً ، ثمّ اشترى شواءً بدرهم فازددت عليه غيظاً ، ثمّ تقدّم إلى الحلوائي فاشترى فالوذجاً ، فقلت : والله لا أتركه حتى يجلس ويأكل ، ثمّ إنَّه خرج إلى الصحراء ، فقلت : إنّه يريد الخضرة ، فما زال يمشي إلى العصر وأنا أمشي خلفه ، فدخل قرية ، وفي القرية مسجدُ وفيه رجلٌ مريض ، فجلس عند رأسه وجعل يلقمه ، فقمت لأنظر في القرية وبقيت ساعة ثمّ رجعت ، فقلت للعليل : أين بشر؟ فقال : ذهب إلى بغداد ، فقلت : كم بينى وبين
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ٥ / ١٨٦ رقم ٩٧ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٣ / ٢٢٢.