نفسه الأخير؟ وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بنصٍّ من تلكم الروايات ـ لم يرَ فيها حاجة إلى وصيّة بكتاب ، ولم يترقّب فيها خلاف أيّ أحد على أبي بكر ؛ وكيف يُرى فيها الشرّ والحالة هذه؟ والصحابة كلّهم عدول ، وأبى الله والمؤمنون إلاّ أبا بكر ، وأبى الله أن يختلف عليه ، كما مرّ حديثه.
٣٤ ـ وما الذي سوّغ لعمر عرضه على عبد الرحمن بن عوف أن يستخلفه ويجعله وليّ عهده ، فقال عبد الرحمن : أتشير عليّ بذلك إذا استشرتك؟ فقال : لا والله. فقال عبد الرحمن : إذاً لا أرضى أن أكون خليفة بعدك. الفتوحات الإسلامية (١) (٢ / ٤٢٧).
٣٥ ـ وما بال الأنصار بأسرها قد تخلّفت عن البيعة (٢) واجتمعت على خلاف ما في تلكم النصوص ، وأبت بيعة أبي بكر وقالت : لا نبايع إلاّ عليّا ، أو قالت : منّا أمير ومنكم أمير (٣)؟ وكيف تقاعس عنها طلحة ، والزبير ، والمقداد ، وسلمان ، وعمّار ، وأبو ذر ، وخالد بن سعيد ، ورجال من المهاجرين (٤) وأبوا إلاّ عليّا ، واجتمعوا في داره عليهالسلام وأخرجتهم يد السياسة الوقتية إلى البيعة عنوةً ، ونودي عليهم : والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة؟
وما شأن الصحابي العظيم سعد بن عبادة يأنف من بيعة أبي بكر ويقول : ايم الله لو أنّ الجنّ اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أُعرَض على ربّي وأعلم ما حسابي؟ وكان لا يصلّي بصلاتهم ، ولا يُجمِع معهم ، ويحجّ ولا يفيض معهم بإفاضتهم. تاريخ الطبري (٥) (٣ / ١٩٨ ، ٢٠٠ ، ٢٠٧ ، ٢١٠).
__________________
(١) الفتوحات الإسلامية : ٢ / ٢٧٥.
(٢) مسند أحمد : ١ / ٥٥ [١ / ٩٠ ح ٣٩٣]. (المؤلف)
(٣) مسند أحمد : ١ / ٤٠٥ [١ / ٦٦٨ ح ٣٨٣٢] ، طبقات ابن سعد : ٢ / ١٢٨ [٣ / ١٨٢]. (المؤلف)
(٤) الرياض النضرة : ١ / ١٦٧ [١ / ٢٠٧]. (المؤلف)
(٥) تاريخ الأمم والملوك : ٣ / ٢٠٢ ، ٢٠٥ ، ٢١٨ ، ٢٢٢ حوادث سنة ١١ ه.