التّفسير
الدفاع عن حقوق المرأة أيضا :
قلنا في مطلع تفسير هذه السورة أنّ آيات هذه السورة تهدف إلى مكافحة الكثير من الأعمال الظالمة والممارسات المجحفة التي كانت رائجة في العهد الجاهلي ، وفي هذه الآية بالذات أشير إلى بعض هذه العادات الجاهلية المقيتة وحذر الله سبحانه فيها المسلمين من التورط بها ، وتلك هي :
١ ـ لا تحبسوا النساء لترثوا أموالهنّ ، فلقد كانت إحدى العادات الظالمة في الجاهلية ـ كما ذكرنا في سبب نزول الآية ـ أنّ الرجل كان يتزوج بالنساء الغنيات ذوات الشرف والمقام اللاتي لم يكن يحظين بالجمال ، ثمّ كانوا يذرونهن هكذا فلا يطلقونهنّ ، ولا يعاملونهنّ كالزوجات ، بانتظار أن يمتن فيرثوا أموالهن ، فقالت الآية الحاضرة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) وبهذا استنكر الإسلام هذه العادة السيئة.
٢ ـ لا تضغطوا على أزواجكم ليهبنّ لكم مهورهنّ ، فقد كان من عادات الجاهليين المقيتة أيضا أنّهم كانوا يضغطون على الزوجات بشتى الوسائل والطرق ليتخلين عن مهورهنّ،ويقبلن بالطلاق ، وكانت هذه العادة تتبع إذا كان المهر ثقيلا باهظا ، فمنعت الآية الحاضرة من هذا العمل بقولها : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) أي من المهر.
ولكن ثمّة استثناء لهذا الحكم قد أشير إليه في قوله تعالى في نفس الآية : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) والفاحشة هي أن ترتكب الزوجة الزنا وتخون بذلك زوجها ، ففي هذه الحالة يجوز للرجل أن يضغط على زوجته لتتنازل عن مهرها ، وتهبه له ويطلقها عند ذلك،وهذا هو في الحقيقة نوع من العقوبة ، وأشبه ما يكون بالغرامة في قبال ما ترتكبه هذه الطائفة من النساء.
هذا والمقصود من الفاحشة المبينة في الآية هل هو خصوص الزنا ، أو كل