تبلغه أنت ولا جنودك (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) (٢٢) (١) ، واختلف في سبأ فقيل : اسم البلد ، وقيل : اسم رجل.
فقال (٢) سليمان : وما ذاك؟ فقال : إني وجدت امرأة تملكهم ، وكان اسمها بلقيس بنت شراحيل من نسل يعرب بن قحطان ، وكان أبوها ملكا عظيم الشأن وقد ولد له أربعون ملكا ، وهي آخرهم ، وكان يملك أرض اليمن ، وكان يقول لملوك الأطراف : ليس أحد منكم كفؤا لي ، وأبي أن يتزوج فيهم فزوجوه امرأة من الجن ، يقال لها : ريحانة بنت السكن ، فولدت له بلقيس ولم يكن له ولد غيرها.
وجاء في الحديث : أن أحد أبوي بلقيس كان جنيا (٣) ، فلما مات أبو بلقيس طمعت في الملك فطلبت من قومها أن يبايعوها ، فأطاعها قوم وعصاها آخرون ، فملكوا عليهم رجلا فافترقوا فرقتين كل فرقة استولت على طرف من أرض اليمن (٤) ، ثم إن الرجل الذي ملكوه أساء السيرة في أهل مملكته حتى كان يمد يده إلى حرم (٥) رعيته فيفجر بهن ، فأراد قومه خلعه فلم يقدروا عليه.
فلما رأت بلقيس ذلك أدركتها الغيرة ، فأرسلت إليه تعرض نفسها عليه ، فأجابها الملك وقال : ما منعن أن أبتدئك بالخطبة إلا اليأس (٦) منك ، فقالت : لا أرغب عنك ، كفؤ كريم ، فاجمع رجال قومي واخطبني إليهم ، فجمعهم وخطبها إليهم ، فقالوا : لا نراها تفعل هذا. فقال لهم : إنها طلبت ذلك ، وأنا أحب أن تسمعوا قولها ، فجاءوها فذكروا لها ذلك ، فقالت : نعم أحببت الولد ، فزوجوها منه.
فلما زفت إليه خرجت بأناس كثيرة من حشمها ، فلما جاءته سقته الخمر حتى سكر ، ثم حزت رأسه ، فانصرفت (٧) من الليل إلى منزلها.
فلما أصبحوا ورأوا الملك قتيلا ورأسه منصوب على باب دارها ، علموا أن تلك المناكحة كانت مكرا وخديعة منها ، فاجتمعوا إليها ، وقالوا : أنت بهذا الملك أحق من غيرك ، فملكوها وقد جاء في الحديث الشريف أن رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، لما
__________________
(١) النمل : [٢٢].
(٢) فقال أ ج د ه : قال ب / / وكان أ ج د ه : ـ ب.
(٣) جنيا ب ج د ه : حيا أ.
(٤) من أرض اليمن أ ب د : من أطراف اليمن ج ه.
(٥) حرم أ ج د ه : حريم ب.
(٦) إلا اليأس أ ج د : الإياس ب ه.
(٧) فانصرفت أ : وانصرفت ب ج د ه.