أنّ هذا التحريض القرآني الشديد يدل أولا : على امكانية تحول الفرد والمجتمع تحولا جذريا قبل فوات الأوان ، وثانيا : أنه يدل على الصعوبة البالغة لهذا التحول ، مما يقتضي التحريض بكلمة عنيفة وهي (لولا ).
أجل ان قوم يونس ضربوا مثلا رائعا في هذا التحول ، الذي ينبغي أن يكون قدوة للمجتمعات الضالة التي يعبّر عنها القرآن الحكيم عادة بكلمة (قرية ).
(إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)
الى أن انتهى أجلهم الطبيعي الذي حدّده الله لهم ، فالأمم كما الأفراد ينتهون بطريقتين : اما بصورة طبيعيّة كحالة الشيخوخة ، وأما بسوء أعمالهم كحالة القتل في الفرد ، والاضطراب في الأمة.
وقد سميت هذه السورة باسم يونس لأهمية التحول الاجتماعي الذي حدث عند قومه ، فليس من السهل أن يستيقظ مجتمع مسترسل في الفساد ، سادر في الميوعة واللامبالاة مرة واحدة ، ويعود الى رشده الأولي.
و جاء في حديث الصادق (ع ) عن قصة قوم يونس :
(أنه كان فيهم رجل اسمه (مليخا ) عابد ، وآخر اسمه (روبيل ) عالم ، وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم ، وكان العالم ينهاه ويقول له لا تدع عليهم ، فان الله يستجيب لك ولا يحب هلاك عباده ، فقبل يونس قول العابد فدعا عليهم ، فأوحى الله اليه أنه يأتيهم العذاب في شهر كذا .. في يوم كذا .. فلما قرب ذلك الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد ، وبقي العالم فيهم فلما كان اليوم الذي نزل بهم العذاب فقال لهم العالم : أفزعوا الى الله فلعله يرحمكم ويرد العذاب