وأن يكون (من كان في خدمة السلطان) أمينا في القول والكتابة ، ليأمن العزل ، وإن استخدم جاهه هذا في إغاثة الضعفاء وإعانه المحتاجين ، حصل على ركن من أركان السعادة الأخروية ، وعلى هذا يكون ممن دفع البلاء عن نفسه في الدنيا ، فضلا عن حصوله على الأمل الفسيح برحمة الحق تعالى.
ومن منظومة قوله :
جرمي قد أربى على العذر |
|
فليس لي شيء سوى الصبر |
فأسر عني خاطري كلّه |
|
لأنفق الأيام بالشكر |
وقد سجن في غزنة بأمر من القاضي (١) ، فلما استولى طغرل برار ـ وهو أحد الغلمان المحموديين الآبقين ـ على ملك غزنة ، وقتل السلطان عبد الرشيد ، وأرسل حاشية الملك إلى القلعة ، كان من بينهم أبو الفضل البيهقيّ الذي نقل من سجن القاضي إلى سجن القلعة ، وقد قال في تلك القلعة [١٧٨] :
كلما مرّ من سرورك يوم |
|
مرّ في الحبس من بلائي يوم |
ما لبؤسى وما لنعمى دوام |
|
لم يدم في النعيم والبؤس قوم |
فما انقضى وقت قصير حتى قتل طغرل برار على يد نوشتكين حامل المزراق ولم تزد مدة استيلائه على الملك أكثر من سبعة وخمسين يوما ، وعاد الملك للمحموديين ، ولم يكن خروجه على ولي نعمته مباركا ، ولم يمهله طويلا ، ومن سلّ سيف البغى قتل به.
__________________
(١) لا ندري من يكون القاضي هذا ، إلا أنه حدث في ٤٤٤ ه وبعد أربع سنوات من تولي عبد الرشيد بن محمود الغزنويّ الحكم ، أن تمرد أحد غلمانه المدعو طغرل الملقب بكافر النعمة فقتل عبد الرشيد وتسعة من أفراد الأسرة الحاكمة ، ولم تطل فترة حكمه سوى ٤٠ يوما أو ٥٧ يوما كما يقول مؤلفنا حيث قتل وتولى السلطة فرخزاد بن مسعود (انظر : مجمل فصيحي ، ٢ / ١٦٩ ـ ١٧٠ ؛ مجمل التواريخ والقصص ، ٤٠٦ ؛ فرهنك فارسي ، مادة : عبد الرشيد) وفي أخبار الدولة السّلجوقيّة (ص ١٥) : طغرل نزان.