من قبة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه عن ست وأربعين سنة. ثم عاد المنصب إلى بدر الدين بن جماعة مضافا إلى ما بيده من الخطابة وتدريس القيمرية الذي استقر فيه عنه لما عزله عن القضاء ، ثم درس بعده أخوه جلال الدين في الأمينية في ثاني شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة. ولد جلال الدين هذا بالموصل في شعبان سنة ست وستين وستمائة ، وتفقه بأبيه ، وأخذ الأصلين عن الاربلي ، واشتغل في أنواع من العلوم ، وسمع من أبي العباس الفاروني (١) وغيره ، وخرّج له البرزالي جزءا من حديثه ، وحدث وأفتى ودرّس ، وناب في القضاء عن أخيه إمام الدين ثم عن ابن صصري في سنة خمس وسبعمائة ، ثم ولي الخطابة بدمشق ، ثم القضاء عن جمال الدين الزرعي في سنة أربع وعشرين وسبعمائة مع العادلية والغزالية ، وأخذت منه الأمينية حينئذ ، ثم انتقل في سنة سبع وعشرين وسبعمائة إلى قضاء الديار المصرية لما عمي بدر الدين بن جماعة ، فأقام بها نحو إحدى عشرة سنة ، ثم صرف في جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ونقل إلى قضاء دمشق ، ثم صرف وتولى القاضي تقي الدين السبكي في جمادى الآخرة سنة تسع وسبعمائة. قال الذهبي : أفتى ودرّس وناظر وتخرج به الأصحاب ، وكان مليح الشكل فصيحا ، حسن الأخلاق ، غزير العلم ، وأصابه طرف فالج مدة مديدة ، ثم ناب عنه ابنه الخطيب المفتي الامام بدر الدين في هذه التولية الأخيرة ، توفي رحمهالله تعالى في [جمادى الأولى] سنة تسع وثلاثين وسبعمائة ، ودفن بمقابر الصوفية ، ثم درس بها بعده الشيخ الامام العالم جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله ابن المظفر بن أسعد بن حمزة بن علي بن محمد الصدر الكبير الرئيس التميمي الدمشقي ابن القلانسي ، ميلاده في العشر الأول من ذي الحجة سنة تسع (بتقديم التاء) وستين وستمائة ، وحفظ التنبيه ثم المحرر واشتغل على الشيخ تاج الدين الفزاري. والأدب على الرشيد الفارقي (٢) ، وولي قضاء العسكر
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٤٢٥.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ٤٠٩.