وسعيا في أن يرتب لهما شيئا على مدارس الحنفية ، ثم إن المذكور دخل إلى دار القاضي الحنفي وصار شاهدا ومحلفا ، وصار في وقت شاهدا على عمارة بسعيه في ذلك ، ثم اتصل بنائب القلعة الأمير كمشبغا ، فنسب إلى أنه اتفق هو وجماعة كمشتغا على أخذ مال ، وظهرت قرائن تدل على ذلك ، ثم توجه إلى القاهرة ، ولما جاء العسكر المصري جاء معهم ، وباشر كتابة السر عن بهاء الدين بن حجي مدة ، ثم ولي الحسبة في شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين ، جاءته الولاية من مصر ، وكانت الحسبة قد أعيدت بعد ناصر الدين بن شبلي إلى النائب ، وولي فيها شخصا وضيعا ، وجاءت الولاية لهذا ، وشرط عليه أن لا يأخذ لأحد شيئا ولا معلوم له ، فشكا ذلك إلى النائب فقال له : أنت سعيت فيها فاعمل مصلحتك. ثم أنه شرع في البلص وأخذ الأموال بحيث أنه زاد على من تقدمه في ذلك ، وجعل المدرسة المعينية ، وكانت بيده نظرها وتدريسها ، وكان عمرها بعد حريقها ، مجلس حكمه ، وأدخل نفسه في كل شيء ، ثم ولي وكالة بيت المال بعد وفاة أبي شامة ، ثم ولي القضاء عوضا عن القاضي شمس الدين الصفدي في صفر سنة ست وأربعين ، وكان قد توجه إلى مصر فعاد قاضيا إلى أن عزل بعد سنة وثلاثة أشهر ، ولم تكن سيرته محمودة ، وكان عنده جرأة وإقدام ، يزدحمون عليه لأغراضهم ، ولما عزل استمر بيده الحسبة ، وكان يجلس بالمدرسة المعينية ، وعلى بابه اعوان كثيرة ، ويدخل نفسه في كل شيء في الأحكام الشرعية ولا يهاب ، ثم توجه إلى مصر في أول السنة وأخذ معه هدايا كثيرة ، فلما وصل حصل له قبول زائد ، وأعيد إلى القضاء ، وعين له وظائف أخرى على ما بلغني ، وكانت المنية أعجل من ذلك ، فمرض وتوفي في رابع صفر ، ونزل السلطان فصلى عليه ، وشهد جنازته بعد الصلاة جمع قليل ، ودفن بمقابر الغرباء بسفح المقطم ، وكان عمره نحو ستين سنة ، وسرّ كثير من الناس بموته وعدّوا موته نعمة من الله تعالى انتهى.
١٣١ ـ المدرسة الماردانية
على حافة نهر ثور الصيق الجسر الأبيض بالصالحية. قال القاضي عز الدين الحلبي :