٢٨ ـ المدرسة الأسعردية
وبها تربته المعروفة بمدرسة الخواجا إبراهيم (١) بالجسر الأبيض ، قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في الذيل : في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة ، وقد خرب في هذه السنة ثلاثة مساكن ، وهي أحسن مساكن بساتين دمشق : الدهيشة ، وبستان النشوة على حافة ثورى بالقرب من الربوة ، وبستان ابن جماعة بالمزة ؛ ولكن هذا الثالث نقلت آلته إلى مدرسة الخواجا إبراهيم الأسعردي وانتفع الناس بها. وقال : في ذي الحجة سنة سبع عشرة فرغت عمارة الخواجا إبراهيم الأسعردي بالجسر الأبيض ، ومات وهي في غاية الحسن ، ورتب بها وظائف كثيرة. وقال في شهر رجب سنة ست عشرين وثمانمائة : وممن توفي فيه من الأعيان الخواجا الكبير برهان الدين إبراهيم بن مبارك شاه الأسعردي. كان والخواجا شمس الدين بن المزلق (٢) اكبر التجار بدمشق ، وله المتاجر السائرة في البلدان ، قد اعطاه الله تعالى المال والبنين ، وكان عنده كرم وإحسان للفقراء ، وعمّر المدرسة المشهورة على الجسر الأبيض ، وتأنق في بنائها ، وعمل بها تربة ، ورتب بها فقراء ومقرئة يقرءون القرآن ، وهي من أحسن عمائر دمشق ، توفي في آخر نهار الجمعة ، انقطع يومين فقط ، ودفن من الغد بتربته. وهو في عشر الستين ، ولم يحتفل الناس بجنازته بالنسبة إلى ما احتفلوا لما توفي ولده ، وترك أموالا وبضائع لا تحصى ، وقيل إنه مات وعلى طوالته كثير من الخيول المسوّمة ، التي لا نظير لها ، وخلف ولدين شابين حسنين ، وزوجة ووالدة ، وزوجته بنت الخواجا شمس الدين بن مزلق ، سامحه الله تعالى ، وبلغني انه توفي في هذه المدة وفي هذا الفصل من بيته عشرون نفسا انتهى ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) شذرات الذهب ٧ : ١٧٢.
(٢) شذرات الذهب ٧ : ٣٦٣.