وكانت جنازته مشهودة ، خرّج له رفيقه ابن الظاهري عن محمد بن النعالي ، وعبد الغني بن بنين (١) ، والكمال الضرير وطبقتهم ، وكان خيرا متواضعا وافر الحرمة ، انتهى كلام صاحب العبر.
٩٤ ـ المدرسة التاشية
قال ابن شداد : مدرسة الناشيء ، وتعرف بمسجد التاشي ، أنشئ في شهور سنة نيف وخمسين وخمسمائة ، بانيه الأمير التاشي ، الدقاقي ، أول من درس بها قبل أن تعلم أنها مدرسة ، ثم علمت بعد ذلك في الأيام العادلية السيفية القاضي عز الدين أبو عبد الله محمد الحنفي واستمرّ إلى أن انتقل عنها إلى المدرسة البلخية. ثم وليها بعده جماعة لم يتحقق منهم إلا أوحد الدين بن الكعكي إلى أن توفي. ثم من بعده تاج الدين ابن الأرشد إلى أن سافر إلى الديار المصرية ، وأقام بها إلى أن توفي. وقد تولّاها من بعده سفره عماد الدين داود البصروي. ثم تولّاها بعده التقي إبراهيم الرقي. ثم أخذها منه فخر الدين موسى الحنفي إلى سنة تسع وستين وستمائة ، فوليها شرف الدين الرسعني وبقي بها مدة. وأخذها مجد الدين بن فخر الدين موسى ، وهو مستمر بها إلى الآن انتهى.
وقال الحافظ البرزالي ومن خطه نقلت في تاريخه في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة : وفي ليلة الثلاثاء الثالث والعشرين من شعبان توفي الإمام الفاضل المفتي بدر الدين محمد بن الصدر جمال الدين يحيى ابن الشيخ الإمام بدر الدين محمد بن عبد الرحمن بن الفويرة السلمي الحنفي بداره ظاهر دمشق ، وصلي عليه ضحوة النهار على باب الزنجبيلية ، وبسوق الخيل وبالصالحية ، ودفن بتربة لهم بسفح قاسيون ، ومولده في سنة ثلاث وتسعين وستمائة ، وكان رجلا فاضلا حسن السيرة ، خطب بالزنحبيلية ، ودرّس بالخاتونية البرانية ، وبمسجد التاشي ، وافتى واشتغل عليه الطلبة ، وكان له حلقة بجامع دمشق ، وسمع على
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٣٠٦.