بها ولده الإمام العالم القاضي تاج الدين محمد ابن الشيخ شهاب الدين. قال الأسدي : مولده في سنة اربع وثمانين وسبعمائة ، قرأ القراآت ، ثم حفظ الحاوي الصغير ولم يشتغل بالعلم ، ونزل له والده عن تدريس الاقبالية فدرس بها في شعبان سنة اثنتين وثمانمائة ، وحضر درسه بها قضاة مصر والشام ، وخطب بجامع التوبة بعد الفتنة ، وولي الحسبة مدة يسيرة ، وناب لوالده لما ولي في سنة ثمان ، ثم ناب لغيره من القضاة ، وصار يصحب الترك وغيرهم ، ويعاشرهم على المنكرات ويجاهر بذلك ، وظهر معه سلاطة وفجور وتروم القضاء وسعى في ذلك إلى ان اخذه الله تعالى ، وابتدأ بغفلة شديدة من جهة النسوان والامرة إلى ان حجر القاضي عليه ، وجعل زوجته تتصرف عليه ، ورأى العبر في نفسه ، توفي مطعونا بسكنه بزقاق تربة السلطان صلاح الدين يوسف يوم الخميس عاشره ، وصلى بالجامع الأموي عليه جمع كثير ودفن عند والده بالصالحية بالروضة. وولي عوضه في خطابة جامع التوبة ونظر حمام الشجاع ولد قاضي القضاة بهاء الدين بن نجم الدين بن حجي ، والأمينية ونظرها الشيخ شمس الدين البرماوي ، ثم إن كاتب السر القاضي بدر الدين حين ولي نظر الأمينية ودار الحديث بمرسوم النائب ، انتهى كلام الأسدي في ذيله في جمادى الأولى سنة ست وعشرين. ثم قال : وفي يوم الأحد ثالث عشره درس الشيخ شمس الدين البرماوي بالمدرسة الأمينية عوضا عن الحسباني وحضر معه القاضي نجم الدين وبعض الفقهاء ، ولم يكن سقف بها غير الإيوان الغربي انتهى. ولم يدرس بها غير هذا اليوم ، وشمس الدين المذكور هو الشيخ الإمام العلامة المحقق المتقن المفنن ابو عبد الله محمد بن عبد الدائم بن موسى العسقلاني التميمي البرماوي المصري ، ميلاده في ذي القعدة سنة ثلاث وستين وسبعمائة ، وأخذ عن الشيخ سراج الدين البلقيني ، وسراج الدين ابن الملقن (١) ، والشيخ زين الدين العراقي ، والقاضي بدر الدين أبي البقاء ، وكان في صغره في خدمته ، وسمع الكثير ، وحصل وتميز وفضل في الفقه
__________________
(١) شذرات الذهب ٧ : ٤٤.