منظر وأحسن مستنظر ، وأحسن مختبر ، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور ، حتى لو أن قطعة ألقيت فيه لم تترب.
قال : وكان قد أعطي فتاء السن مع الكثرة والغلبة والقهر ، قال : فنظر فأبعد النظر فقال لجلسائه : ها لمن هذا؟ هل رأيتم مثل ما أنا فيه؟ أم هل أعطي أحد مثل ما أعطيت؟ قال : وعنده رجل من بقايا حملة الحجّة ، والمضي على أدب الحق ومنهاجه ، قال : ولم تخل الأرض من قائم لله بحجة في عباده ، فقال : أيها الملك إنّا قد سألت عن أمر فتأذن بالجواب عنه؟ قال : نعم ، قال : أرأيت ما أنت فيه؟ أشيء لم تزل فيه أم شيء صار إليك ميراثا من غيرك ، وهو زائل عنك وصائر إلى غيرك كما صار إليك ميراثا من لدن غيرك؟ قال : فكذاك هو ، قال : أفلا أراك ما أعجبت بشيء يسير يكون فيه قليلا وتغيب عنه طويلا ، ويكون غدا بحسابه مرتهنا قال : ويحك فأين المهرب؟ وأين المطلب؟ قال : إما أن تقيم في ملكك تعمل فيه بطاعة ربك على ما ساءك وسرك ومضك وأرمضك (١) ، وإما أن تضع تاجك وتضع أطمارك وتلبس أمساحك وتعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك ، قال : فإذا كان بالسحر فاقرع عليّ بابي فإني مختار أحد الرأيين ، فإن اخترت ما أنا فيه كنت وزيرا لا يعصى ، وإن اخترت خلوات الأرض وقفر البلاد كنت رفيقا لا تخالف قال : فقرع عليه بابه عند السحر فإذا هو قد وضع تاجه ووضع أطماره ولبس أمساحه وتهيأ للسياحة ، قال : فلزما والله الجبل حتى أتتهما آجالهما ، وهو حيث يقول أخو بني تميم عدي بن سالم المراي العدوي (٢) :
أيها الشامت المعيّر بالده |
|
ر أأنت المبرّ الموفور |
أم لديك العهد الوثيق من الأي |
|
ام بل أنت جاهل مغرور |
من رأيت المنون خلّدن أم من |
|
ذا لديه من أن يضام حقير |
أين كسرى كسرى الملوك أبو سا |
|
سان أم أين قبله سابور؟ |
وبنو الأصفر الكرام ملوك ال |
|
روم لم يبق منهم مذكور |
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجل |
|
ة تجبى إليه والخابور |
شاده مرمرا وجلّله كل |
|
سا فللطير في [ذراه] وكور |
__________________
(١) أي أوجعك.
(٢) كذا بالأصل هنا ، وقد مرّ الشعر لعدي بن زيد العبادي ، وببعض اختلاف.