حاتم ، أنا الأصمعي قال : ذكروا أن خالد بن عبد الله القسري لما أحكم جسر دجلة واستقام له نهر المبارك أنشأ عطايا كثيرة ، وأذن للناس إذنا عاما فدخلت عليه أعرابية قسرية (١) فأنشأت تقول :
إليك يا بن السادة المواجد (٢) |
|
يعمد في الحاجات كلّ عامد |
فالناس بين صادر ووارد |
|
مثل حجيج البيت مثل خالد |
وأنت يا خالد خير والد |
|
أصبحت عبد الله بالمحامد |
مجدك قبل الشّمّخ الرواكد (٣) |
|
ليس طريف الملك (٤) مثل التالد |
قال : فقال لها خالد : حاجتك كائنة ما كانت؟ فقالت : أصلح الله الأمير ، أناخ علينا الدهر بجرانه (٥) ، وعضّنا بنابه (٦) ، فما ترك لنا صافنا (٧) ولا ما هنا (٨) ، فكنت المنتجع وإليك المفزع.
قال : فقال لها خالد : هذه حاجة لك دوننا.
فقالت [له :] والله لئن كان لي (٩) نفعها إن لك لأجرها وذخرها. مع أن أهل الجود لو لم يجدوا من يقبل العطاء لم يوصفوا بالسخاء.
قال لها خالد : أحسنت ، فهل لك من زوج؟ فقالت : لا ، وما كنت لأتزوج دعيا ، وإن كان موسرا غنيا ، وما كنت أشتري عارا يبقى بمال يفنى ، وإني بجزيل مال الأمير لغنية.
قال الأصمعي : فأمر لها بعشرة آلاف درهم.
__________________
(١) الأصل : «فسرته» والصواب عن الجليس الصالح.
(٢) الجليس الصالح : الأماجد.
(٣) الأصل : لمجدك قبل الشيخ الوراكد.
والرجز والمثبت عن الجليس الصالح.
(٤) الجليس الصالح : المجد.
(٥) أي حلت بنا المصائب والدواهي.
(٦) الجليس الصالح : بأنيابه.
(٧) الصافن من الخيل القائم على ثلاث.
(٨) الماهن : الخادم.
(٩) الأصل : «في» والمثبت عن الجليس الصالح.