قال القاضي : أما قولها : فما ترك لنا صافنا ولا ماهنا : الصافن من الخيل فيما ذكره أبو عبيدة الذي يجمع بين يديه بين طرف سنبك إحدى رجليه ، والسنبك مقدم الحافر ، قال : وقال بعض العرب : بل الصافن الذي يجمع يديه والذي يرفع طرف سنبك رجليه ، وهو مخيم ، يقال : أخام برجله. وقال الفراء : الصافنات فيما ذكر الكلبي بإسناده : القائمة على ثلاث ، وقد أنافت (١) الأخرى على طرف الحافر من يد أو رجل ، وهي في قراءة عبد الله صوافن ، فإذا وجبت (٢) ، يريد معقولة على ثلاث ، وقد رأيت العرب تجعل الصافن القائم على ثلاث أو غير ثلاث وأشعارهم تدل على أنه القائم خاصة ، والله أعلم بصوابه.
وقد روي عن ابن عمر أنه قال لرجل يريد نحر ناقته : انحرها معقولة اليمنى واليسرى قائمة على ثلاث سنّة محمّد صلىاللهعليهوسلم أو نحو هذا القول.
وقد قرئ : فاذكروا اسم الله عليها صوافن (٣) على ما تقدم من الحكاية عن ابن مسعود ، وصوافن : بمعنى خالصة لله عزوجل من الصفاء والخلوص ، فأمّا قراءة الجمهور الأعم والسواد الأعظم فإنه (صَوافَ) على جمع الصافّة وهي المصطفة ، ورسم مصاحف المسلمين شاهد لهذه القراءة بالصحة مع استفاضة النقل لها في الأمة ، وقد قال عمرو بن كلثوم في معنى هذه اللفظة :
تركنا الخيل عاكفة عليه |
|
مقلدة أعنتها صفونا (٤) |
وأما قولها : ولا ماهنا ، فإنها تعني ولا خادما ومن الماهن قول الشاعر :
وهربن مني إن رأين مويهنا |
|
تبدو (٥) عليه شتامة المملوك |
المويهن : تصغير ماهن ، والخويدم تصغير خادم ، والشتامة : القبح والكلوح ، يقال : وجه شتيم أي باسر (٦) قبيح ، ومن هذا الشتم والشتيمة في القول ، معناه قبحه وقذعه ، والمشاتمة : المسابة وهما من هجر القول وفحشه.
__________________
(١) الجليس الصالح : أناخت.
(٢) سورة الحج ، الآية : ٣٦.
(٣) سورة الحج ، الآية : ٣٦.
(٤) من معلقته.
(٥) غير واضحة بالأصل والمثبت عن الجليس الصالح وم.
(٦) الأصل : ياسر ، والمثبت عن الجليس الصالح وم.