عبد الله بن يزيد ـ يعني الهذلي ـ ، عن سعيد بن عمرو الهذلي ، قال : قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكّة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان فبث السرايا في كل وجه ، وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام ، فخرج هشام بن العاص في مائتين قيل يلملم (١) ، وخرج خالد بن سعيد بن العاص في ثلاثمائة قبل عرنة ، وبعث خالد بن الوليد إلى العزّى يهدمها ، فخرج خالد بن الوليد في ثلاثين فارسا من أصحابه حتى انتهى إليها ، فهدمها ثم رجع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «هدمت؟» قال : نعم يا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هل رأيت شيئا؟» فقال : لا ، قال : «فإنك لم تهدمها ، فارجع إليها فاهدمها» فرجع خالد وهو متغيظ فلما انتهى إليها جرّد سيفه فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة ناشرة الرأس ، فجعل السّادن يصيح بها ، قال خالد : وأخذني اقشعرار في ظهري فجعل يصيح :
أعزّاي شدّة شدّي لا تكذّبي |
|
أعزّاي (٢) فالقي القناع وشمّري |
أعزّاي إن لم تقتلي اليوم خالدا |
|
فبوئي (٣) بذنب عاجل وتنصّري |
قال : وأقبل خالد بالسيف إليها وهو يقول :
كفرانك (٤) لا سبحانك |
|
إنّي وجدت الله قد أهانك |
قال : فضربها بالسيف فجزّلها (٥) باثنتين ، ثم رجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فقال : «نعم تلك العزّى قد آيست أن تعبد ببلادكم أبدا» ثم قال خالد : أي رسول الله ، الحمد لله الذي أكرمنا بك ، وأنقذنا من الهلكة ، ولقد كنت أرى أبي يأتي إلى العزّى بحتره (٦) ، مائة من الإبل والغنم فيذبحها للعزّى ، ويقيم عندها [ثلاثا](٧) ثم ينصرف إلينا مسرورا ، فنظرت إلى ما مات عليه أبي ، وذلك الرأي الذي كان يعاش في فضله كيف خدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر ، [ولا يضر](٨) ولا ينفع ، فقال
__________________
(١) موضع على ليلتين من مكّة (معجم البلدان).
(٢) كذا بالأصل ، وصوبها محقق المغازي المطبوع : على خالد.
(٣) أي ارجعي.
(٤) كذا بالأصل وأصل المغازي. وصوبه محققه عن البداية والنهاية وينقل عن الواقدي :
يا عز كفرانك لا سبحانك
(٥) جزلها : قطعها. وفي ابن العديم : خزلها.
(٦) بالأصل : «بخيره» والمثبت عن المغازي ، والحتر بالكسر : العطية اليسيرة.
(٧) الزيادة عن مغازي الواقدي.
(٨) ما بين معكوفتين عن الواقدي.