أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا محمّد بن العباس ، أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع ، نا محمّد بن عمر (١) :
حدّثني عبد الله بن يزيد ، عن إياس بن سلمة ، عن أبيه ، قال : لما قدم خالد [بن الوليد] على النبي صلىاللهعليهوسلم ـ يعني بعد ما صنع ببني جذيمة ما صنع ـ عاب عبد الرّحمن بن عوف على خالد ما صنع ، قال : يا خالد أخذت بأمر الجاهلية قتلتهم (٢) بعمك الفاكه ، قاتلك الله ، قال : وأعانه عمر بن الخطاب على خالد ، فقال خالد : أخذتهم بقتل أبيك ، فقال عبد الرّحمن [بن عوف] كذبت والله ، لقد قتلت قاتل أبي بيدي ، وأشهدت على قتله عثمان بن عفان ، ثم التفت إلي عثمان فقال : أنشدك الله هل علمت أني قتلت قاتل أبي؟ فقال عثمان : اللهم نعم ، ثم قال عبد الرّحمن : ويحك يا خالد ، ولو لم أقتل قاتل أبي كنت تقتل قوما مسلمين بأبي في الجاهلية؟ قال خالد : ومن أخبرك أنهم أسلموا ، فقال أهل السرية كلهم يخبروننا (٣) أنك وجدتهم قد بنوا المساجد ، وأقروا بالإسلام ، ثم حملتهم على السيف ، قال : جاءني [رسول](٤) رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أغير عليهم ، فأغرت بأمر النبي صلىاللهعليهوسلم فقال عبد الرّحمن : كذبت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وغالظ عبد الرّحمن ، وأعرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن خالد وغضب عليه ، وبلغه ما صنع بعبد الرّحمن ، فقال : يا خالد ذروا لي أصحابي! متى ينك أنف المرء ينكى المرء ، ولو كان أحد ذهبا تنفقه قيراطا قيراطا في سبيل الله لم تدرك غدوة أو روحة من غدوات أو روحات عبد الرّحمن.
قال : ونا الواقدي (٥) : حدّثني عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال عمر لخالد : ويحك يا خالد أخذت بني جذيمة بالذي كان من أمر الجاهلية! أوليس الإسلام قد محا ما كان في الجاهلية؟ فقال : يا أبا حفص والله ما أخذتهم إلّا بالحق ، أغرت على قوم مشركين فامتنعوا ، فلم يكن لي بد ـ إذ امتنعوا ـ من قتالهم ، فأسرتهم ،
__________________
(١) مغازي الواقدي ٣ / ٨٨٠.
(٢) بالأصل : «قتلهم» وفوقها علامة تحويل إلى الهامش ، ولم يكتب في الهامش شيئا ، والمثبت عن مغازي الواقدي.
(٣) الأصل : يخبرونا.
(٤) زيادة لازمة عن مغازي الواقدي.
(٥) مغازي الواقدي ٣ / ٨٨٠.