أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، أنا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، نا أبو حذيفة إسحاق بن بشر ، قال : وقال محمّد مات خالد ـ يعني ابن الوليد ـ بالمدينة فخرج عمر في جنازته وإذا أمّه تندبه وهي تقول :
أنت خير من ألف ألف من القوم |
|
إذا ما كبّت وجوه الرجال |
فقال عمر : والله صدقت إن كان لذلك (١).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أحمد بن محمّد ، أنا محمّد بن عبد الرّحمن ، نا أبو بكر بن سيف ، نا السّري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن مبشّر ، عن سالم ، قال : فأقام خالد بالمدينة حتى إذا ظن عمر أن قد سبكه (٢) وبصّر الناس حج وقد عزم توليته ، واشتكى خالد بعد وهو خارج من المدينة زائرا لأمّه ، فقال لها : أحدروني إلى مهاجري فقدمت به المدينة ومرّضته ، فلما ثقل وأظل عمر لقيه لاق على مسيرة ثلاث صادرا عن حجه فقال له عمر : مهيم؟ فقال خالد بن الوليد ثقيل لما به ، فطوى ثلاثا في ليلة فأدركه حين قضى فرق عليه واسترجع ، وجلس ببابه حتى جهز وبكته البواكي ، فقيل لعمر : ألا تسمع ألا تنهاهنّ؟ فقال : وما على نساء قريش أن يبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع ولا لقلقة ، فلما أخرج بجنازته رأى عمر امرأة محتزمة تبكيه وتقول (٣) :
أنت خير من ألف ألف من الناس |
|
إذا ما كبّت وجوه الرجال |
أشجاع فأنت أشجع من ليث |
|
عرين حميم (٤) أبي شبال |
أجواد فأنت أجود من سيل |
|
دياس (٥) يسيل بين الجبال |
فقال عمر : من هذه؟ فقيل : أمه ، فقال : أمه ، والإله ـ ثلاثا ـ هل قامت النساء عن مثل خالد ، قال : فكان عمر يتمثل في طيّه تلك الثلاث في ليلة ، وبعد ما قدم (٦) :
__________________
(١) الخبر نقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٣٨١ ـ ٣٨٢.
(٢) أي أذابه وأفرغه (القاموس) يعني أنه أفرغ كل ما تعلق بنفسه منه.
(٣) الأبيات في البداية والنهاية ٧ / ١١٦ وابن العديم ٧ / ٣١٦٣ ـ ٣١٦٤.
(٤) المختصر وابن العديم : جهم.
(٥) أي متتابع غزير ، وفي المختصر : رئاس.
(٦) الأبيات في بغية الطلب ٧ / ٣١٦٤.