المكتل حتى وقع في الطين ثم جرى فيه حتى وقع في البحر فذلك قوله تعالى : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) فانطلق حتى لحق موسى فلما لحقه أدركه العياء فجلس وقال لفتاه : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) ، فقال : ففقد الحوت وقال (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ) الآية ، يعني فتى موسى اتّخذ سبيل الحوت في البحر عجبا ، (قالَ : ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) ـ إلى ـ (قَصَصاً) فانتهيا إلى صخرة فأطاف بها موسى فلم ير شيئا ثم صعد فإذا على ظهرها رجل متلفف بكسائه نائم فسلم عليه موسى فرفع رأسه ، فقال إني السلام بهذا المكان ، من أنت؟ قال : موسى بني إسرائيل ، قال : فما كان لك في قومك شغل عني؟ قال : إني أمرت بك ، قال : فقال الخضر : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ، قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) الآية ، (قالَ : فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي) الآية فخرجا يمشيان حتى انتهيا إلى ساحل البحر ، فإذا قوم قد ركبوا في سفينة يريدون أن يقطعوا البحر ركبوا معهم فلما كانوا في ناحية البحر أخذ الخضر جديرة (١) كانت معه فخرق بها السفينة ، فقال أخرقتها (لِتُغْرِقَ أَهْلَها) الآية ، قال : (أَلَمْ أَقُلْ) الآية ، قال : (لا تُؤاخِذْنِي) الآية ، فانطلقا حتى أتيا أهل قرية فوجدا صبيانا يلعبون يريدون القرية ، فأخذ الخضر غلاما منهم وهو أحسنهم وأنظفهم فقتله ، قال له موسى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً) الآية : قال : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ) الآية ، قال : (إِنْ سَأَلْتُكَ) الآية ، فانطلقا حتى انتهيا إلى قرية لئام وبهما جهد فاستطعموهم فلم يطعموهم فرأى الجدار مائلا فمسحه الخضر بيده فاستوى ، فقال : لو شئت لاتّخذت عليه أجرا ، قال له موسى : قد ترى جهدنا وحاجتهم لو سألتهم عليه أجرا أعطوك فنتعشى به ، قال : هذا فراق بيني وبينك ، قال : فأخذ موسى بثوبه فقال : أنشدك الصحبة لما أخبرتني عن تأويل ما رأيت قال : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ)(٢)(يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) الآية ، خرقتها لأعيبها فلم يؤخذوا صلحها أهلها فانتفعوا بها ، وأما الغلام فإن الله جبله يوم جبله كافرا ، وكان أبواه مؤمنين فلو عاش لأرهقهما طغيانا وكفرا ، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما ، (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ) ، الآية.
وأمّا حديث عبد الله :
فأخبرناه أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد ، أنا الحسن بن علي بن محمّد ،
__________________
(١) كذا ، وفي الطبري : فأخرج منقارا له ومطرقة.
(٢) الأصل : «فكانت لقوم مساكين ...» والصواب عن التنزيل العزيز.