تغالب على هذا الأمر أولى منكم يا بني عبد مناف ، فقال عمر لخالد : فضّ (١) الله فاك ، والله لا يزال كاذب يخوض (٢) فيما قلت ثم لا يضر إلّا نفسه ، فأبلغ عمر أبا بكر مقالته ، فلما عقد أبو بكر الألوية بقتال أهل الردة عقد له فيمن عقد ، فنهاه عنه عمر ، وقال : إنه لمخذول وإنه لضعيف التروية ، لقد كذب كذبة لا يفارق الأرض مدل بها أو خائض فيها ، فلا تستنصر به ، فلم يحتمل أبو بكر عليه ، وجعله ردءا بتيماء (٣) أطاع عمر في بعض أمره وعصاه في بعض.
قال : ونا سيف ، عن أبي عثمان ـ وهو : يزيد بن أسيد الغسّاني ؛ وخالد ، قالا : وارتثّ فلا يدرى أين مات بعد ـ يعني أثبت جراحه باليرموك (٤) ـ.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي ، أنا محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، أنا محمّد بن سعد (٥) ، أنا عبيد الله بن موسى ، أنا موسى بن عبيدة :
أخبرنا أشياخنا أن خالد بن سعيد بن العاص ، وهو من المهاجرين قتل رجلا من المشركين ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا فنظر الناس إليه وهو مع عمر ، فقال عمر : ما تنظرون؟ من شاء فليعمل مثل عمل خالد ثم يلبس لباس خالد.
قال (٦) : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني جعفر بن محمّد بن خالد بن الزبير بن العوام ، عن إبراهيم بن عقبة ، قال : سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص تقول : قدم أبي من اليمن إلى المدينة بعد أن بويع لأبي بكر ، فقال لعلي وعثمان : أرضيتم بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم؟ فنقلها عمر إلى أبي بكر فلم يحملها أبو بكر على خالد ، وحملها عمر عليه ، وأقام خالد ثلاثة أشهر لم يبايع أبا بكر ثم مرّ عليه أبو بكر بعد ذلك مظهرا وهو في داره فسلّم ، فقال له خالد : تحب أن أبايعك؟
__________________
(١) الأصل : «قضى» والمثبت عن الطبري وم.
(٢) الأصل : بخوص ، والمثبت عن الطبري وم.
(٣) الأصل «رد التيما» كذا ومثلها في م والصواب عن الطبري.
وتيماء : بليد في أطراف الشام ، بين الشام ووادي القرى ، على طريق حاج الشام ودمشق (ياقوت).
(٤) انظر الطبري ٣ / ٤٠٢ فيمن أصيب يوم اليرموك.
(٥) الخبر في طبقات ابن سعد ٤ / ٩٩.
(٦) المصدر نفسه ص ٩٧.