أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا جعفر بن محمّد ، نا إبراهيم بن نصر ، حدّثني إبراهيم بن يسار ، قال : سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : بلغني أن عمر بن عبد العزيز قال لخالد بن صفوان : عظني (١) وأوجز ، قال : فقال خالد : يا أمير المؤمنين إن أقواما غرّهم ستر الله عزوجل ، وفتنهم حسن الثناء ، فلا يغلبنّ جهل غيرك بك علمك بنفسك ، أعاذنا الله وإياك ، أن نكون بالستر مغرورين ، وبثناء الناس مسرورين (٢) ، وعن ما افترض الله متخلّفين ومقصّرين ، وإلى الأهواء مائلين ، قال : فبكى ثم قال : أعاذنا الله ، وإياك من اتّباع الهوى (٣).
قال : وأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا جعفر بن محمّد بن نصير ، نا إبراهيم بن نصر المنصوري ، نا إبراهيم بن بشار ، قال : سمعت الفضيل يقول : بلغني أن خالد بن صفوان دخل على عمر فقال له عمر بن عبد العزيز : عظني يا خالد ، فقال : إن الله عزوجل لم يرض أحدا أن يكون فوقك ، فلا ترض أن يكون أحد أولى بالشكر منك (٤).
قال : فبكى عمر حتى غشي عليه ، ثم أفاق فقال : هيه يا خالد ، لم يرض أن يكون أحد فوقي؟ فو الله لأخافنّه خوفا ، ولأحذرنّه حذرا ، ولأرجونّه رجاء ، ولأحبنّه محبة ، ولأشكرنّه شكرا ، ولأحمدنّه حمدا ، يكون ذلك أشد مجهودي وغاية طاقتي ، ولأجتهدنّ في العدل والنصفة ، والزهد في فاني الدنيا لزوالها ، والرغبة في بقاء الآخرة لدوامها حتى ألقى الله ، عزوجل ، فلعلي أنجو مع الناجين ، وأفوز مع الفائزين ، وبكى حتى غشي عليه ، قال : وتركته مغشيا عليه ، وانصرفت.
أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا الشريف أبو الفضل محمّد بن الحسن بن محمّد بن الفضل الهاشمي ، نا أبو بكر محمّد بن القاسم بن بشار الأنباري ، قال : وحدّثني عم أبي أبو العباس أحمد بن بشار بن الحسن بن بيان ، أنا إسحاق بن بهلول بن حسان بن سنان التنوخي الأنباري ، حدّثني أبي البهلول بن حسان ، نا إسحاق بن زياد من بني سامة بن لؤي ، عن شبيب بن شيبة (٥) ،
__________________
(١) بالأصل : أعظني والمثبت عن م.
(٢) في سيرة عمر لابن الجوزي : مفتونين.
(٣) الخبر في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ط بيروت ص ١٦٣ وابن العديم ٧ / ٣٠٦٣.
(٤) سيرة عمر لابن الجوزي ص ١٦٣ وبغية الطلب ٧ / ٣٠٦٣ ـ ٣٠٦٤.
(٥) في بغية الطلب ٧ / ٣٠٤٥ شبيب بن ثبة.