ولقد لا حظنا أنّ الروايات الموهمة للتحريف منقسمة إلى ما دلّ على اختلاف قراءة أهل البيت مع القرّاء في قراءة بعض الآيات ، وما دلّ على تأويلات لهم لبعضٍ آخر ، وما دلّ على سقوط كذا آية من السورة وكذا آية من تلك.
أمّا القسم الأوّل فلا ينكر أنّ الأئمة عليهمالسلام يختلفون مع القرّاء في قراءة كثير من الآيات والكلمات ، غير أنّهم أمروا شيعتهم بأن قرأوا كما يقرأ الناس ، وهذا القسم خارج عن بحثنا.
وأما القسم الثاني فإنّه راجع إلى التأويل ، ولا ريب في أن أهل البيت عليهمالسلام أدرى بحقائق القرآن ، معاني آياته من كلّ أحد ، والأدلة على ذلك لا تحصى ، وقد روي عن أبي الطفيل أنّه قال : « شهدت علياً يقول : سلوني ، والله لا تسألوني إلاّ أخبرتكم ، سلوني عن كتاب الله ، فوالله ما من آية إلاّ وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم في جبل » (١).
وعن ابن سعد : « سمعت علياً يقول : والله ما نزلت آية إلاّ وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت ، إنّ ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً ناطقاً » (٢).
ولذا رووا عن ابن مسعود أنّه قال : « ما من حرف إلاّ وله ظهر وبطن ، وإنّ علياً عنده من الظاهر والباطن » (٣).
وروى ابن المغازلي : أنّ الذي عنده علم الكتاب هو علي بن
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٢ : ٢٣٨ ، الاصابة ٤ : ٥٠٣ ، المستدرك ٢ : ٤٦٦ ، الصواعق ١ : ١٢٧ ، كنز العمال ٦ : ٤٠٥ ، فيض القدير ٣ : ٤٦ ، الرياض النضرة ٢ : ١٨٨.
(٢) طبقات ابن سعد ٢ : ٢٢٨ ، كنز العمال ٦ : ٣٩٦ ، الصواعق : ١٢.
(٣) حلية الأولياء ١ : ٦٥.